منذ أن بزغ فجر الدولة الهاشمية، حمل الهاشميون لواء العدل والمروءة، متسلحين بالشرف الهاشمي الأصيل، ومجسدين أسمى معاني القيادة الحكيمة. لم تكن مسيرتهم مجرد حكم أو سلطان، بل كانت التزامًا أخلاقيًا وتاريخيًا بحماية القضايا العادلة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، التي ظلّت محور اهتمامهم جيلاً بعد جيل، رغم التحديات والمؤامرات التي حاولت إبعادهم عن هذا النهج الراسخ.
الهاشميون: شرف النسب ونقاء الموقف
ينحدر الهاشميون من سلالة النبي محمد ﷺ، مما أكسبهم شرعية دينية وأخلاقية جعلتهم محط احترام العالم الإسلامي. ومنذ الثورة العربية الكبرى، التي قادها الشريف الحسين بن علي عام 1916، كان الهاشميون عنوانًا للتحرر والنهضة، يسعون إلى استعادة كرامة الأمة ووحدتها. حمل أبناؤه – الملك عبدالله الأول، والملك طلال، ومن بعده الملك الحسين – هذا الإرث بكل أمانة، وأثبتوا أن الهاشمي ليس لقبًا فحسب، بل مسؤولية ثقيلة تتطلب التضحيات والصبر والعمل الدؤوب.
القضية الفلسطينية: التزام لا يتغير
لم يكن دعم القضية الفلسطينية بالنسبة للهاشميين مجرد موقف سياسي، بل كان عقيدة راسخة. فقد كان الملك عبدالله الأول أول زعيم عربي يدخل القدس محررًا، وأصرّ على حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية من التهويد، وهو النهج الذي ورثه عنه الملك الحسين بن طلال، الذي خاض الحروب السياسية والعسكرية لحماية الحقوق الفلسطينية.
أما الملك عبدالله الثاني، فقد كرّس حياته للدفاع عن فلسطين في كل المحافل الدولية، وأكد أن "القدس خط أحمر”، في رسالة واضحة للعالم أجمع أن الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية ليست شعارًا، بل مسؤولية يدفع الأردن ثمنها يوميًا. رغم الضغوط والتهديدات، ظل الملك عبدالله ثابتًا على مواقفه، لا يساوم ولا يهادن، لأنه يدرك أن التفريط في القدس يعني التفريط في المبادئ والقيم التي قامت عليها الدولة الهاشمية.
الأمير الحسين: الوجه الشاب للعهد الهاشمي
في السنوات الأخيرة، برز ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله كشاب يحمل ذات الروح الهاشمية، لكن بعيون تترقب المستقبل. في زيارته الأخيرة للولايات المتحدة ولقائه بالرئيس الأمريكي، لفتت كشرته انتباه الجميع، حيث جسّدت هذه النظرة الصارمة والعازمة استمرار العهد الهاشمي، دون تراجع أو تردد. لم تكن مجرد تعبير عابر، بل كانت رسالة صامتة مفادها أن "الهاشميون لا ينحنون أمام الضغوط”، وأنه كما سار أجداده في درب حماية فلسطين والأردن، فإنه عازم على استكمال هذه المسيرة دون مواربة.
لم تكن هذه الملامح الصارمة وليدة الصدفة، بل تعبير عن نهج مستمر. فهي نفس الملامح التي رأيناها في وجه الملك عبدالله الثاني حين قال للعالم "سيبقى الأردن صامدًا، مهما اشتدت التحديات”، وهي امتداد لتلك النظرة الحاسمة التي رافقت الملك الحسين بن طلال في كل محطات الدفاع عن الأردن وفلسطين. ولي العهد الحسين اليوم ليس مجرد أمير شاب، بل هو قائد يتشكل في قلب الأزمات، ينظر للأمام بثقة، ويدرك أن المستقبل يحتاج إلى صلابة لا تعرف التردد.
الخاتمة: إرث لا ينكسر
لم تكن مسيرة الهاشميين مفروشة بالورود، فقد واجهوا التحديات بشجاعة، وتحملوا الأعباء دفاعًا عن مبادئهم. لم يسعوا وراء المصالح الضيقة، بل حملوا همّ الأمة على أكتافهم، واضعين كرامة الأردن وفلسطين فوق كل اعتبار. واليوم، يستمر الملك عبدالله الثاني وولي عهده الأمير الحسين في حمل هذا الإرث، ليؤكدوا للعالم أن الهاشميين ليسوا مجرد حكّام، بل أوصياء على العدالة والتاريخ، ودرع يحمي قضايا الأمة مهما بلغت التحديات.
ولي العهد، بنظرته الصارمة وكشرته العازمة، يؤكد أن كل جيل من الهاشميين لا يزداد إلا صلابة، وأن التحديات التي يواجهها الأردن اليوم لن تزيد قيادته إلا قوة وعزمًا. فهي ليست مجرد لحظة عابرة، بل تجسيد لإرث ممتد، وإشارة واضحة بأن العهد الهاشمي لا ينحني، بل يزداد قوة… جيلًا بعد جيل.