يشهد العالم تحولاً غير مسبوق في تقنيات الذكاء الاصطناعي، بعد أن انتقل من إطار الفكرة والتجارب إلى واقع عملي يلامس تفاصيل الحياة اليومية، بدءاً من الصناعة والطب، وصولاً إلى الإعلام والخدمات الحكومية. ومع هذا التطور المتسارع، برز سؤال جوهري يتردد على لسان الخبراء وصنّاع القرار: هل الذكاء الاصطناعي أداة مساعدة أم بديل للبشر؟
⸻
عمّان مركزاً للنقاش… مؤتمرات تؤكد دور الذكاء الاصطناعي كمساعد لا كبديل
شهدت العاصمة عمّان خلال الفترة الأخيرة سلسلة من المؤتمرات والفعاليات المتخصصة، أبرزها "ملتقى الأردن للتحول الرقمي” الذي وضع الذكاء الاصطناعي في صدارة النقاشات باعتباره ركيزة أساسية في تطوير القطاعات الحيوية.
وخلال جلسات الملتقى، شدّد المشاركون على أن الذكاء الاصطناعي يجب أن يُنظر إليه كـ أداة مساندة تعزز كفاءة العمل، لا كبديل كامل عن العنصر البشري. كما تم التأكيد على ضرورة ترسيخ أخلاقيات استخدام الذكاء الاصطناعي، إلى جانب توفير برامج توعية وتدريب للكوادر الحكومية والخاصة، لضمان استخدامه بالطريقة الصحيحة والمسؤولة.
وفي سياق متصل، نظم الهلال الأحمر الأردني مؤتمراً متخصصاً ركّز على دور الذكاء الاصطناعي في تبسيط وتسريع مهام الإنتاج الإعلامي، مشيراً إلى أن الأدوات الذكية باتت داعماً أساسياً لفرق الإعلام، لا سيما في إدارة المحتوى وتحليل البيانات وتطوير أساليب العمل.
⸻
خبراء: الذكاء الاصطناعي يتفوّق في المهام الروتينية… لكنه يفتقر للإبداع البشري
ويجمع عدد من الخبراء على أن الذكاء الاصطناعي قادر على التفوق في المهام المتكررة والروتينية، لكنه لا يمتلك جوهر الإبداع الإنساني، ولا يستطيع استبدال الحسّ البشري في اتخاذ القرار أو صياغة الأفكار أو التفاعل العاطفي مع الجمهور.
ويرى المتخصصون أن السؤال الحقيقي لم يعد:
"هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل البشر؟”
بل أصبح:
"كيف سيحلّ البشر المتمكنون من الذكاء الاصطناعي محل أولئك الذين لا يجيدون استخدامه؟”
⸻
شراكة بين الذكاءين… الطريق نحو ازدهار رقمي يقوده الإنسان
في ضوء هذه المعطيات، تتعزز القناعة بأن الذكاء الاصطناعي يُعتبر اليوم أداة قوية تساعد في رفع الكفاءة وتسريع الإنتاج، لكنه ليس بديلاً كاملاً عن الإنسان. فالمؤتمرات والخبراء يؤكدون أن الاستراتيجية الصحيحة والتدريب المستمر هما السبيل لتمكين الكوادر من الاستفادة من هذه التكنولوجيا بالشكل الأمثل.
ويبدو أن الطريق نحو الازدهار الرقمي يعتمد على بناء شراكة متوازنة بين الذكاء البشري والإبداعي، وبين الذكاء الاصطناعي المعالج، بما يضمن اقتصاداً متقدماً يقوده الإنسان مدعوماً بالأدوات الذكية