أنا أيضًا، كغيري من المواطنين، عندما نُشرت مسودة بعض بنود مشروع قانون العقار، انتابتني مشاعر القلق وراودتني تساؤلات عدّة: هل هذا القانون عادل؟ هل يُراد منه فرض ضرائب جديدة؟ هل هو في صالح المواطن أم ضده؟
وقد تبيّن لي بوضوح أنّ الغاية الأساسية من مشروع هذا القانون هي تعزيز الاعتماد على الوسائل الإلكترونية في تقدير الضرائب، بدلًا من النظام القائم على التقدير البشري الذاتي الذي تحكمه في كثير من الأحيان الاجتهادات والتقديرات الشخصية، فالمنظومة الضريبية الجديدة ترتكز على قاعدة بيانات إلكترونية دقيقة، مكتملة ومحدثة، تُغني عن الكشوفات الورقية التقليدية التي كانت تشوبها أوجه قصور وعدم اتساق أحيانًا.
هذه النقلة النوعية تهدف إلى تحقيق العدالة الضريبية، والحد من التفاوت في التقدير، وتوفير بيئة ضريبية أكثر شفافية، وقد تضمّن مشروع القانون كذلك حوافز حقيقية وملموسة للمواطنين.
فعلى سبيل المثال، كان المكلف بدفع الضريبة على العقارات غير المستغلة يدفع ما نسبته 50%، أما اليوم، ووفقًا لمشروع القانون الجديد، فقد أصبحت النسبة 40%، كذلك، كانت الضريبة التي تُدفع في بداية الشهر تُحتسب بنسبة 8%، وأصبحت، حسب مشروع القانون الجديد، 10% في الشهر الأول، و8% في الشهر الثاني، والشهر الثالث 6 بالمئة.
كما قدّم مشروع القانون حوافز للأبنية الخضراء، وأعاد تنظيم آلية فرض الضريبة على الأراضي الكبيرة بطريقة أكثر عدالة، ففي السابق، كانت الضريبة تُفرض على مجموع مساحة الأرض، أما اليوم، ووفقًا لمشروع القانون الجديد، تُفرض على نسبة الاستغلال الفعلي، وهو ما يعدُّ إنصافًا للمالك.
صحيح أنني في البداية شعرت بالقلق، خصوصًا عند قراءتي للمادة (12) التي بدت، عند القراءة المجتزأة، وكأنّها تنطوي على أرقام مرتفعة، ولكن حينما عدت للسياق الكامل لمشروع القانون، واطلعت على المعادلات الضريبية الفنية المنصوص عليها، اتضح لي أن الأرقام المجردة دون سياق تفضي إلى نتائج غير دقيقة، بل ومضلّلة أحيانًا.
وفيما يلي أمثلة واقعية توضّح الفرق بين الضريبة حسب القانون الساري، والضريبة حسب مشروع القانون الجديد:
- قطعة أرض سكنية بمساحة 500 متر، صنف "ج"، في منطقة الدربيات غرب عمّان، وسعرها الإداري 100 دينار: الضريبة حسب القانون الساري تبلغ 10 دنانير، والضريبة حسب مشروع القانون الجديد تبقى 10 دنانير.
- قطعة أرض بمساحة 2072 مترًا، صنف "ب"، في منطقة المدورة/طبربور، وسعرها الإداري 90 دينارًا: الضريبة حسب القانون الساري 16 دينارًا، والضريبة حسب مشروع القانون الجديد 16 دينارًا.
- قطعة أرض زراعية خارج التنظيم في منطقة عراق الأمير، مساحتها 10 دونمات، وسعرها الإداري 20 دينارًا للمتر: الضريبة حسب القانون الساري 80 دينارًا، والضريبة حسب مشروع القانون الجديد 1.6 دينار.
- شقة فارغة، مساحتها 150 مترًا، صنف "أ"، في منطقة مميزة: الضريبة حسب القانون الساري 192 دينارًا، والضريبة حسب مشروع القانون الجديد 146 دينارًا.
- شقة سكن المالك، مساحتها 176 مترًا، صنف "أ" خاص، في منطقة مميزة: الضريبة حسب القانون الساري 126 دينارًا، والضريبة حسب مشروع القانون الجديد 124 دينارًا.
- شقة مؤجرة، مساحتها 88 مترًا، صنف "د"، في منطقة عادية: الضريبة حسب القانون الساري 216 دينارًا، والضريبة حسب مشروع القانون الجديد 115 دينارًا.
- مجمع تجاري بمساحة تأجيرية 2500 متر، في وسط المدينة: الضريبة حسب القانون الساري 10416 دينارًا، والضريبة حسب مشروع القانون الجديد 9551 دينارًا.
وخلاصة القول: إن ما ساد من تخوفات، وإن بدت مشروعة في ظاهرها نتيجة غياب التوضيح الكافي في بداية الأمر، إلا أن الحقيقة التي تكشّفت من خلال البحث والاستقصاء الفني، تبيّن أن مشروع القانون لا يتضمّن ضرائب جديدة، ولا يهدف إلى تحميل المواطن أعباء إضافية، بل يرسّخ العدالة والشفافية، ويوفّر حوافز اقتصادية فعلية، وينتقل بمنظومة التقدير الضريبي إلى مستوى أكثر دقة وموضوعية.