2025-12-05 - الجمعة
00:00:00

آراء و مقالات

ملكية العلامة التجارية في القانون الأردني

{clean_title}
إعداد مكتب العبادي للمحاماة
صوت عمان :  

 
في عالم تتسارع فيه حركة التجارة وتتشابك فيه الأسماء والشعارات، لم تعد العلامة التجارية مجرد رسم أو كلمة تزين واجهات المحلات والمنتجات، بل أصبحت وسيلة تعريف وهوية اقتصادية تعبر عن الثقة والمصداقية في التعامل، وتجسد السمعة التي يبنيها التاجر أو الشركة عبر سنوات من الجهد والخبرة.

لذلك أصبحت العلامة التجارية هي الأداة التي تميز منتجا عن آخر، وتحمي المستهلك من الغش والتقليد، وتمنح صاحب العلامة التجارية ميزة تنافسية في سوق يعج بالتشابه والتقليد.

لهذا، فإن حماية العلامة ليست مسألة شكلية، بل هي حماية لثقة الجمهور واستقرار السوق على حد سواء.
 
ومع ازدياد النزاعات التجارية في الأردن، برز التساؤل حول معيار الملكية الحقيقية للعلامة التجارية:

هل يملكها من بادر إلى تسجيلها في وزارة الصناعة والتجارة في سجل العلامات التجارية، أم من سبق إلى استعمالها فعليا وعرفها بها جمهور المستهلكين على أرض الواقع؟
 
لقد حسم المشرع الأردني هذا الجدل حين قرر أن العبرة في ملكية العلامة التجارية هي بالاستعمال الفعلي والعلني، لا بمجرد التسجيل، فالقانون يحمي الجهد ويحمي المالك الفعلي للعلامة الذي بذل الجهد في تسويقها وتعريف الناس بها، لا من استبق تسجيلها شكليا في سجل العلامات التجارية.
 
 
العبرة للأسبقية في الاستعمال لا في التسجيل

نصّت المادة (26/1) من قانون العلامات التجارية الأردني رقم (33) لسنة 1952 وتعديلاته على أن:

"يجوز لكل ذي مصلحة أن يطلب من المسجل شطب تسجيل أي علامة تجارية إذا لم يكن صاحبها قد استعملها بصفة جدية خلال خمس سنوات متتالية..."

ويُفهم من هذا النص أن الحماية القانونية لا تنشأ بمجرد التسجيل، بل لابد من الاستعمال الحقيقي والمستمر للعلامة في التعامل التجاري.

لأن ملكية العلامة التجارية تبنى على العلاقة الذهنية بين المستهلك والعلامة، وهي علاقة لا تتحقق إلا بالاستعمال الفعلي والعلني.

وقد كرست محكمة التمييز اجتهادات قضائية في العديد من أحكامها هذا المبدأ، مؤكدة أن العلامة التي لم تستخدم فعليا لا تتمتع بالحماية المقررة قانونا حتى وإن كانت مسجلة، لأن الهدف من التسجيل هو حماية السمعة التجارية لا الاحتكار النظري للأسماء.
 
ثانيا: الطعن على تسجيل علامة تجارية:

منح المشرع الأردني، بموجب المادة (25) من قانون العلامات التجارية، لمن كان أسبق في استعمال العلامة التجارية الحق في الطعن على تسجيلها من قبل غيره خلال مدة خمس سنوات من تاريخ التسجيل.

وهذا الإجراء يعد بمثابة ضمانة لأصحاب العلامات التجارية الذين بنوا شهرتهم من خلال الاستعمال، لا عبر السباق إلى تسجيل في سجل العلامات التجارية فقط.

كما أجاز المشرع، دون تقيد بمدة الخمس سنوات، الطعن على تسجيل العلامة متى ثبت أن التسجيل تم بسوء نية، كأن يعلم طالب التسجيل بأن العلامة مملوكة أو مستخدمة من قبل شخص آخر ومع ذلك يسجلها لنفسه بقصد التضليل أو الاستفادة من شهرتها.

فالقانون لا يحمي من يسيء استخدام الحق، لأن سوء النية تبطل ما بني عليها ولو بعد مضي الزمن.
 
 
ثالثا: إجراءات الاعتراض على تسجيل علامة تجارية

نظّم قانون العلامات التجارية الأردني آلية واضحة للاعتراض على تسجيل أي علامة، وهي تبدأ بعد نشر الطلب في الجريدة الرسمية وفق المادة (14) من القانون، وتتضمن ما يلي:

1. النشر والإعلان:
بعد تقديم طلب تسجيل العلامة، يقوم المسجل بنشرها في الجريدة الرسمية، ليُتاح لأي طرف ذي مصلحة الاطلاع عليها خلال المدة المحددة.
 
2. مدة الاعتراض:
يجوز لأي شخص أن يتقدم باعتراض خطي إلى المسجل خلال ثلاثة أشهر من تاريخ النشر في الجريدة الرسمية، موضحا أسبابه القانونية، سواء لسبق استعماله للعلامة أو لتشابهها مع علامة مشهورة أو قائمة.
 
3. الإجراءات أمام المسجل:
يقوم المسجل بإخطار طالب التسجيل بالاعتراض، ويمنح كل طرف فرصة لتقديم جوابه وبيناته ودفوعه واعتراضاته خلال المدد القانونيةالمحددة.
 
4. القرار والطعن:
بعد دراسة الاعتراض، يصدر مسجل العلامات التجارية قراره بقبول التسجيل أو رفضه أو تقييده بشروط، ويجوز للمتضرر الطعن في القرار الصادر عن المسجل أمام المحكمة الإدارية.
 
كل هذه الإجراءات تهدف إلى حماية السوق من الازدواج والتشابه، وضمان أن العلامات المسجلة تعكس ملكية حقيقية لا شكلية.
 
رابعا: الاسم التجاري والاعتداء على العلامة
كثيرا ما تثار أمام المحاكم مسألة استخدام اسم تجاري مشابه لعلامة تجارية مسجلة، وقد استقر الاجتهاد القضائي الأردني على أن استعمال الاسم التجاري المشابه للعلامة المسجلة يعد تعديا

متى كان من شأنه أن يحدث لبسا عند جمهور المستهلكين أو يوهم بوجود علاقة تجارية بين الطرفين.

حتى لو لم يكن الاستعمال على منتجات مماثلة، يكفي أن يكون التشابه مؤثرا في الانطباع العام للمستهلك العادي.

وقد أكدت محكمة التمييز أن الاعتداء يتحقق متى كان الهدف أو الأثر هو استغلال شهرة علامة الغير أو الإيحاء بارتباط تجاري غير حقيقي.
 
 
خامسا: التوازن بين التسجيل والاستعمال
يبقى التسجيل إجراء ضروريا لتوثيق الحقوق، لكنه لا يغني عن الاستعمال الجدي والمستمر الذي يمنح العلامة روحها التجارية وملكيتها القانونية.
فالعلامة التي لا تستخدم تفقد قيمتها، بينما الاستعمال وحده - حتى دون تسجيل -
يكسب صاحبها مركزا قانونيا يتيح له حماية حقه والطعن في التسجيلات اللاحقة المخالفة.
لكن الاستعمال مع التسجيل يمنع جميع محاولات التعدي على العلامة التجارية.
القانون الأردني، بذلك، يوازن بين الشكل والمضمون:
يحمي النظام التجاري من الفوضى عبر التسجيل، ويحمي العدالة الاقتصادية عبر الاعتراف بالاستعمال الحقيقي كأساس للملكية.
 
بالنتيجة
أثبت المشرع الأردني من خلال أحكام قانون العلامات التجارية أنه يتعامل بمرونة متقدمة مع مفهوم الملكية الفكرية، فهو لا يمنح الحق لمن يسجل الاسم أولا، بل لمن يستعمله فعلا ويثبت وجوده في السوق.
ومع تطور الاقتصاد الرقمي وازدياد النشاط التجاري عبر الإنترنت، بات لزاما على التجار والمستثمرين أن يدركوا أن حماية علاماتهم لا تتحقق بمجرد التسجيل، بل بالاستعمال المستمر.
فالعلامة التجارية ليست شعارا جامدا، بل هوية اقتصادية تولد بالاستعمال وتكرس بالقانون.
 
إعداد مكتب العبادي للمحاماة



للمزيد من المعلومات يرجى زيارة الموقع الإلكتروني لمكتب العبادي للمحاماة 
وتاليا الرابط : https://www.alabbadilawfirm.com/
مديرية الأمن العام تطلق خدمة "التدقيق الأمني للمركبات" عبر الرقم "117111" شركة زين تطلق دليل إمكانية الوصول الشامل لتهيئة مبانيها ومرافقها للأشخاص ذوي الإعاقة حجازي: مكافحة الفساد استردت نحو 100 مليون دينار غارة سعودية تستهدف قوات حكومية في اليمن كأس العرب: الفدائي يفرض التعادل على تونس الاردن .. موظف في التربية يختلس آلاف الدنانير من أموال مخصّصة لطلبة سوريين في التسعيرة المسائية: ارتفاع طفيف على أسعار الذهب في الاردن كأس العرب: سورية تفرض التعادل على قطر الفيصلي يحافظ على صدارة الدرع بثلاثية في شباك الرمثا الحكومة: تركيب كاميرات لمراقبة المتسولين طقس متقلب في الأردن: أجواء لطيفة اليوم وتحذيرات من أمطار غزيرة وسيول السبت وفيات يوم الجمعة 5-12-2025 في الأردن النشامى ينتظرون قرعة المونديال… من ستكون أولى خصوم الأردن؟ أطعمة قد تدمّر مفاصلك بصمت… خبراء يحددون أسباب النقرس "داء الملوك" نحو 160 ألف متقاعد تحت خط الـ300 دينار… دعوة لإصلاح عاجل يعيد الاعتبار لرواتب الضمان الكيتو تحت المجهر: خسارة وزن مؤقتة مقابل مخاطر صحية دائمة بعد أول لقمة حلوى… ماذا يحدث لأسنانك؟ خطأ يومي يُدمّر الأسنان بصمت! كيف يؤدي الضغط النفسي والتوتر إلى تساقط الشعر؟ الأمن العام يطلق خدمة التدقيق الأمني على المركبات عبر الرقم المجاني 117111