في عالم رقمي لا ينام، يقف التداول كالسيف ذي الحدّين. آلاف الشباب يدخلون السوق يوميًا، مدفوعين بحلم الثراء السريع، وقلّة منهم فقط يدركون أن الساعة لا تشير دومًا إلى الربح، بل قد تكون عقاربها تتجه نحو الخسارة.
البداية.. وعود بربح سريع
كل شيء يبدأ ببساطة: إعلان على "يوتيوب”، أو منشور على "تيك توك” من شاب يدّعي أنه حقق آلاف الدولارات خلال أيام. "التداول سهل”، "اربح من البيت”، "تطبيق واحد يغيّر حياتك”. هذه العبارات أصبحت بمثابة طُعم لعشرات الآلاف.
لكن القصة الحقيقية لا تبدأ من هنا، بل من أول ضغطة زر على تطبيق تداول.
المشكلة.. بين الجهل والطمع
قلة المعرفة بالأسواق، عدم إدراك مخاطر السوق العالمي، التداول باستخدام الرافعة المالية العالية، وكل ذلك دون استراتيجية واضحة، جعلت التداول فخًا ماليًا بامتياز.
أحمد (26 عامًا)، خسر أكثر من 12,000 دينار خلال 4 أشهر. يقول:
"كل شيء بدا وكأنه سهل، فتحت حسابًا، بدأت التداول بناءً على توصيات على مجموعة واتساب، في البداية ربحت، ثم بدأ كل شيء ينهار. لا أحد أخبرني أني قد أخسر أكثر مما أملك.”
إفلاس في صمت
أمام صمت مجتمعي وغياب رقابة كافية، يسقط العشرات يوميًا في فخ الإفلاس. شركات تداول غير مرخصة، و”مسوّقون” يستهدفون الفئات الضعيفة اقتصاديًا، كلهم يساهمون في مسلسل الخسائر.
أكثر ما يثير القلق أن الضحايا لا يتحدثون، خوفًا من اللوم أو السخرية. وهكذا، يبقى التداول أحد أكبر الملفات المسكوت عنها في العالم الرقمي العربي.
فارق الوقت
بين دخول السوق وخروجك منه – رابحًا أو خاسرًا – فارق زمني قد لا يتجاوز دقائق. هذا الفارق هو ما يصنع كل القصة. وهو أيضًا ما يتجاهله معظم المبتدئين.
الخاتمة: التداول ليس لعبة
التداول أداة مالية معقدة، وليست وسيلة سريعة للربح. من لم يدرسه جيدًا، ومن لم يُدر المخاطر، سيكون فريسة سهلة.
الثراء الحقيقي لا يُبنى على الحظ، بل على معرفة، تدريب، وانضباط.
المعرفة رأس المال الحقيقي… وكل ما عداها قابل للتداول