في الوقت يحاول فيه أنصار التسوية السياسية أن يستغلوا الأجواء في ظل العدوان المستمر على مدن و قرى و مخيمات الضفة الغربية، واستشهاد المئات من المجاهدين و الأهالي من أبناء الشعب الفلسطيني، و تدنيس الحرم القدسي الشريف بأحذية جنود الإحتلال، و عربدة مستوطنيه في باحات المسجد الأقصى في الترويج مجددا لنظريتهم التي طالما رددوها خلال عقد التسعينات في أن الخيار الوحيد أمام الشعب والأمة هو التسوية السياسية والمفاوضات ، غامزين من قناة خيار المقاومة ، وأن هذا الخيار هو الذي يجر على الشعب الفلسطيني الويلات والدمار .!
جاءت عملية " طوفان الأقصى" لتكشف مجموعة من الحقائق :
فقد كشفت عملية " طوفان الأقصى " عورات المجتمع الصهيوني الذي نشأ على النظرية الصهيونية التي تؤكد على أنه ليس هناك مكان آمن لليهود في العالم سوى قيام كيان خاص بهم يكون ملجأ ليهود العالم ، ويحميه جيش قومي متفوق على كل من حوله من جيوش .
ولكن نظرية ” الكيان الآمن ” التي دامت منذ العام 1948 م ، تتلقى هذه الأيام ضربات موجعة من مجاهدين رفعوا شعار ” الشهادة في سبيل الله أسمى أمانينا ” .
فللمرّة الأولى في الصراع الفلسطيني — الإسرائيلي ، تبادر المقاومة الفلسطينية بشنّ الحرب، وتكون لها الطلقة الأولى.
وللمرّة الأولى في تاريخ المقاومة الفلسطينية يحتل رجال المقاومة مستوطنات ومعسكرات للجيش الإسرائيلي، بما فيها مقرّ قيادة فرقة غزّة، وتأسر عشرات من ضباط و جنود الإحتلال ، و تسوقهم إلى غزة كالخراف، وتقتل وتجرح المئات من الجنود و المستوطنين الصهاينة ، وتطلق خمسة آلاف صاروخ في الساعات الأولى من بدء الهجوم، وتستمرّ بالقدرات ذاتها في الساعات التي تلتها، لتثبت مدى ضعف جيش الاحتلال وترهّله، ليس فقط على مستوى القدرات الإستخبارية، بل أيضاً على مستوى القدرات القيادية وتقدير الموقف.
مما أجبر المحلل الإسرائيلي " بن كسبيت " على القول :
" من كان يخشى الذهاب إلى المعركة البرية في غزة، فقد ذهبت غزة إليه بمعركة برية، أولئك الذين وصفوا أنفسهم بأنهم أقوياء ضد حماس، وجدوا أنفسهم بالأمس ضعفاء أمام حماس القوية، منيت ( إسرائيل ) أمس السبت بمفاجأة استراتيجية بحجم حرب يوم الغفران، لكنها أكثر إذلالاً "..!!
وكشفت " الجيش الاسرائيلي الذي لايقهر ” ، فظهر هذا الجيش ضعيفاً وعاجزاً أمام ضربات المجاهدين المؤمنين بعدالة قضيتهم ، ولم تستطع أسلحة الجندي الاسرائيلي المتطورة أن تحقق له أي إنجاز أو حتى دفاع عن احتلاله للأرض .
ومع سقوط أسطورة ” الجيش الذي لايقهر ” سقطت أيضاً نظرية الردع الاسرائيلي التي طالما حاول الكيان الاسرائيلي ترويجها عبر عقود من الزمن واستخدامه لسياسات الغموض النووي لارعاب العرب وتخويفهم من القوة الاسرائيلية ، وأن هذه القوة تملك من الوسائل الردعية التي لايمكن اختراقها فإذا هي واهية كخيوط العنكبوت ، وتسقط في أول امتحان أمام إرادة المجاهد الفلسطيني الصلبة .
كما كشفت عملية " طوفان الأقصى" رموز التواطؤ مع العدو الإسرائيلي ، ومن رموز التنازلات للدولة العبرية ممن نصبوا أنفسهم زورا وبهتانـًا للتحدث باسم الشعب الفلسطيني الذين يتسابقون ــ في كل عدوان على شعبنا ــ إلى تشويه تاريخ نضال وجهاد الشعب الفلسطيني ، وإشاعة روح الانهزامية والاستسلام ، وتشجيع العدو على مواصلة عدوانه ..!!
( في الوقت الذي تقدم غزة والضفة فيه الشهداء ، وتخوض المقاومة معركة أسطورية ضد الإحتلال الصهيوني :
أجهزة سلطة عباس الأمنية الخيانية تقمع مسيرة داعمة للمقاومة خرجت في نابلس، وتنشر جيباتها وآلياتها لمنع أي إحتشاد قد يتم تطويره نحو مواجهة مباشرة على نقاط التماس في المدينة..!! ).
وكشفت "مثقفو المارينز" من حثالة المثقفين " المتأمركين" الذين يحملون دماءً عربية، والذين لا وظيفة لهم سوى إظهار العداء للقضية الفلسطينية ورموزها وحتى لو أوصلهم هذا العداء إلى الالتقاء مع العدو الصهيوني سياسيـًا وثقافيـًا وفكريـًا..!!
فقد أتقن هؤلاء ــ الذين حملوا لواء ثقافة الاستسلام ــ فن التسويغ والتبرير وكيل التهم جزافـًا للفلسطينيين ” الانتفاضة والشعب وفصائل المقاومة "، وقاموا بدور "المحلل ” الذي يعجز العدو الإسرائيلي وعملائه عن أدائه ، وكانت وسائل الإعلام العربية وسيلتهم التي قدموا عليها عروضهم المثيرة..!!
لقد أعادت عملية " طوفان الأقصى " إلى الذاكرة العربية قصة ” المعتصم ”..!!
في الوقت الذي أعلنت فيه الإدارة الأمريكية بأن جون بايدن هو المعتصم الجديد..!!
وإلا ما معنى أن يخرج علينا سيد البيت الأبيض ليبررللعدو الأسرائيلي القضاء على شعب بأكمله تحت ذريعة ” الدفاع عن النفس ” .!!
بذريعة أو من دون ذريعة ، ثمة نار لا بد من إبقائها مشتعلة تحت العرب ، حتى لا يستيقظوا على الواقع الذي يعيشون.!!
فهناك ثمنـًا تسعى الإدارة الأمريكية إلى أن يدفعه أصحاب الـ” لا ” الذين رفعوها في وجه ” إسرائيل”..!!
ستبقى ذكرى أبطال فلسطين وهم يمدون خيطـًا من الدماء يتواصل من رفح حتى الناقورة هوية العصر الفلسطيني القادم ، وستظل ذكرى الشهداء المجاهدين في قطاع غزة و الضفة الغربية الذين شكلوا بأجسادهم الطاهرة تاريخ المرحلة المقبلة للنضال الفلسطيني ذكرى لملحمة الفداء والجهاد التي افتقدها العالم العربي بصمته المريب والقاتل ، ولعل هذا الدم الفلسطيني يكون سببـًا في أن يفيق أهل الكهف من سباتهم ، وذكرى للمارد الفلسطيني الذي تمرد على الظلم والقيود والإحتلال .
يا هذا الشعب الأصلب
يا هذا الرقم الأصعب
أنت تقاتل .. أنت إذن فلسطيني..!!
وبعد :
بينما الحرب تُسعر فى معركة بدر وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم ضارعاً لله - سبحانه وتعالى - يستغيث :
" اللهم إنك إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام فلا تعبد في الأرض أبدا ".
و نحن يا الله نستغيث بك :
" أن تحفظ جند كتائب القسام فإنهم أن يُهلكوا فلن تعود لنا كرامة أبداً.
اللهم احفظهم بحفظك، وسدد رميهم، وصوب رأيهم ، وثبت اقدامهم، ومدهم بمدد من عندك، ومكنهم من رقاب العدو، وانصرهم على الصهاينة الغاصبين.