في مثلِ هذا اليوم ، الثّالث من نيسان قبل اثنين وخمسين عامًا كان ميلادُ نجمةِ فلسطين شيرين أبو عاقلة، اللامعةُ في السّماءِ وبريقِها لا يَخفَتُ تَوَهُّجُه، فهي الجوهرةُ النّادرةُ الّتي تترفّعُ عن تقديرِها بثمنٍ ؛ فلا تُقدّرُ بثمنٍ .
ماذا أُهديها من الكلامِ في هذا اليوم؟ و هل تُهدى الهِبةُ؟ أتمنّى أن يُهديها الرّحمنُ خالُقُها الفردوسَ و يَرزُقَها نعيمَها الأبديّ ، فلقد أهدَتْ أرضَ بلادي دَمَها ؛ فعانقَتْها أرضُ بلادي شاكرةً لها و خبّأَتْها في أعماقِها مدى الحياةِ ، فيا أرضَ بلادي دفّئيها و اعتني بها فهي الغاليةُ صاحبةُ الجبينِ الواثق الّذي لم ينحني يومًا حتّى في أصعبِ الأقدارِ.
في حياتِها كانَتْ شمسُ الكونِ هي ابتسامتُها، و عندما تَبتَسِمُ تُشرِقُ الحياةَ الّتي أَحَبتْها و تمسّكَتْ بها ثمّ وَدّعتْها عروسًا شَهيدةً يُسدِلانها الكوفيّةُ و عَلَمُ فلسطين ، فيا لِهناءِ الكوفيّةِ بمن عانَقَتْ! و يا لِهناءِ المَشرِقِ بشروقِه! و كم نحنُ مشتاقون لرؤية الشّمسِ و امتصاصِ دِفئِها!
عندما كانَتْ تتجوّلُ في أرضِ فلسطين كانَتْ تُنبِتُ بكُلّ خُطوةٍ تَخطوها وردةَ ياسمينٍ بيضاء مثل لونِ قلبِها تُسقيها بجمالِ روحِها ، و عندما كانَتْ تمشي في الأرجاءِ تَنشُرُ السّلامَ من الأرجاءِ إلى سائرِ المنطقةِ فَبوفاتِها استطاعَتْ أن تَجمَعَ المُسلمَ و المسيحيّ معًا واقفَيْن يُصلّيان عليها مُمثّلَيْن مشهدًا تاريخيًّا يطغى عليه السّلامُ و التَّقبُّلُ ، و عند تغطيتِها لأحداثٍ في ساحاتِ المسجدِ الأقصى ارتدَتْ عباءةً و حِجابًا و أختتمَتْ تغطيتَها بعبارةِ: "شيرين أبو عاقلة الجزيرة... من ساحات المسجد الأقصى المُبارك... القدسُ المُحتلّة" ، و بهذا أقولُ: هي كالنّسمة الّتي تمرُّ و تُبرِدُ القلبَ و تُهدئُ النّفسَ و تَبعَثُ بها شعورَ السّلامِ .
"في بعض الغياب حضور أكبر" قالَتْها مرّةً في مَنشورٍ إلكتروني لها ، و لا أدري إن كانَتْ تَشعُرُ بقُربِ استشهادِها أم لا لكنّها أحسَنَتْ النُّطقَ و كأنّها تَصِفُ نَفسَها فأبدَعَتْ الوصفَ ، و أنا اليومَ أتبنّى عبارتَها و أقولُ لها: صَدَقتِ يا شيرين! ، و أعني خطابي جدًّا .
في يومِ ميلادِكِ يا شيرين أقولُ لَكِ كُلُّ عامٍ و أنتِ بخيرٍ، عيدُكِ عند اللهِ أجملٌ بإذن الله ، و هديّةُ اللهِ أجملٌ من هدايانا ، أطلُبُ من اللهِ أن يُحيطَكِ برحمتِه و يجعَلَ لَكِ في نعيمِه - الّذي ليس بمثلِه نعيمٌ- نصيبًا كَبيرًا و أن يُطعِمَكِ من ثمارِ الجَنّةِ و يُسقيكِ مائَها .
إلى لقاءٍ جَميلٍ يا رَمزَ الصّحافةِ و يا قُدوةَ الصّحافيّين في جَنّةِ الرّحمنِ بإذنه .