2024-11-26 - الثلاثاء
00:00:00

آراء و مقالات

مشروع قانون حقوق الطفل هل هو استحقاق دولي ام حاجة وطنية؟

{clean_title}
صوت عمان :  

كتب : معتصم بن طريف *

للإجابة المباشرة على هذا السؤال في ضل وجود مشروع القانون لدى اللجنة القانونية في مجلس النواب والاجابة - من وجهة نظر شخصية – هي ان هذا القانون هو استحقاق دولي كون حكومة المملكة الأردنية قد صادقت على الاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق الطفل بموجب قانون التصديق على الاتفاقية رقم (50) لسنة 2006 ، وقد تقدمت حكومة المملكة الأردنية الهاشمية بتقاريرها الدورية إلى لجنة حقوق الطفل وفقاً للمادة 44 من اتفاقية حقوق الطفل حيث تقدمت المملكة بتقريرها الأول في عام 1993، وبتقريرها الثاني عام 1998 وتقريرها الثالث عام 2005 ، وتقريرها الرابع والحامس كان في عام 2011 . ومع ذلك بقيت المملكة الأردنية الهاشمية متحفظة على المواد 14، و20، و21، من الاتفاقية الدولية ولاتزال تؤكد على هذه التحفظات ، علما بان هذه المواد المتحفظ عليها بالاتفاقية لم ينص عليها في أي نص من نصوص مسودة مشروع قانون حقوق الطفل الأردني لعام 2022 ، وبقرأة متأنية من أشخاص مهتمين في المجال القانوني وبحقوق الانسان فان الحكومة رغم هذا الاستحقاق الدولي للقانون الا أن الحكومة اخذت بعين الاعتبار الخصوصية الأردنية من الناحية الدينية والاجتماعية ، ومن باب الاستحقاق الدولي ابضا فإن المملكة الأردنية سأتقوم باستعراض التقرير الدوري الشامل لحقوق الانسان امام مجلس حقوق الانسان في دورته ال 45 بتاريخ 23اكتوبر 2023 وهذا يتطلب من المملكة الأردنية ان تقوم ببعض الإصلاحات الخاصة في حقوق الانسان ومن ضمنها قانون حقوق الطفل ، ويقع على عاتق الحكومة ان تبرر تحفظها على المواد أعلاه من ضمن اتفاقية حقوق الطفل اثناء استعراض التقرير الدوري الشامل ، مسببة تحفظها بان حماية هذه الحقوق الواردة في الاتفاقية قد ضمنتها الدولة بالتشريعات الوطنية وفي مقدمتها الدستور ،وغيرها من التشريعات الوطنية التي كفلت حقوق الطفل والمرأة مثل قانون الأحوال الشخصية الأردني والذي غطى حقوق كثيرة للطفل وهي حقوق مستمدة من نصوص الشرع الحنيف فقد كفل قانون الأحوال الشخصية للطفل الحق بالمطالبة بالنفقة عليه من قبل والده او وليه هذا في حال امتناع الوالد او اوليائه من الانفاق عليه او في حال غياب الوالد عن النفقة على الصغار تحت مسمى دعوى نفقة صغار ومنها النفقة على حاجته الأساسية مثل المأكل والملبس والمشرب وضمن قانون الأحوال الشخصية الحق للصغير في النفقة عليه من قبل وليه بالنسبة للذكور حتى يتكسبوا وللإناث حتى الزواج او تكسبهن ،وكفل كذلك قانون الأحوال الشخصية للطفل حقوق بالمطالبة بنفقة للتعليم ونفقة التطبيب ونفقة لسكن وهذه النفقات جميعها واجبة على الوالد او ولي الصغير .

بل وكفل قانون الأحوال الشخصية الأردني الإجابة على التحفظ على المادة 20 من اتفاقية حقوق الطفل في بعض بنوادها وخاصة البند (3) والمنصوص عليه ب (يمكن أن تشمل هذه الرعاية، في جملة أمور، الحضانة، أو الكفالة الواردة في القانون الإسلامي،)ونصه في هذه الفقرة أيضا على ( ينبغي إيلاء الاعتبار الواجب لاستصواب الاستمرارية في تربية الطفل ولخلفية الطفل الإثنية والدينية والثقافية واللغوية.)حيث أجاب قانون الأحوال الشخصية الأردني في الفصل الثالث منه (الحضانة والضم ) والتي رتب فيها مراتب الحضانة للطفل ومراعاة مصلحة الصغير وتقدير هذه المصلحة في الرعاية تتم من خلال المحكمة في التحقق عن مصلحة الصغير اين تكمن ، وأما في التحفظ على المادة 21 من اتفاقية حقوق الطفل يمكن الإشارة اليه بان الحكومة الأردنية عملت على حل مشكلة الأطفال مجهولي النسب من خلال سن تعليمات خاصة بالحضانة تشرف عليها وزارة التنمية الاجتماعية وهي (تعليمات الاحتضان لسنة 2013) والتي فيها إجابة على جزء من الفقرة (أأ) و في جزء من لفقرة (ب )في جزء من الفقرة (ج) من المادة 21 من اتفاقية حقوق الطفل .

هذا علاوة على ان المملكة الأردنية هي جزء من العالم وعضو في منظمة الأمم المتحدة ومصادقة على الاتفاقيات الدولية ومنها الاتفاقيات الخاصة بحقوق الانسان ومنها حقوق الطفل وهذه الاتفاقيات يترتب عليها تقديم تقارير دورية من الدول ومنها الأردن تناقش هذه التقارير من قبل الدولة وهيئات المجتمع المحلي المعنية بحقوق الانسان امام للجان دولية مختصة بهذه الحقوق ، وبما اننا نعيش في دولة كفلت حقوق الأقليات الدينية الأخرى كان لابد من إيجاد قانون للحقوق الطفل لتكتمل الصورة التشريعية في ضمان حقوق الانسان الأردني ومن ضمنها حقوق الطفل ، هذا من ناحية الاستحقاق الدولي لهذا القانون وهو ما يمكن الإشارة اليه اثناء مناقشة التقارير الدوري الشامل للمملكة الأردنية بتاريخ 23 أكتوبر 2023 أمام مجلس حقوق الانسان من وجود تشريعات وطنية متقدمة في مجال حقوق الطفل كفلت له حقوقه ومنها على سبيل المثال التشريعات والتعليمات المذكورة أعلاه .

اما ناحية أن هذا القانون حاجة وطنية فأرى من_ وجهة نظر شخصية_ ان هذا القانون هو حاجة وطنية لتحقيق عدة غايات منها على سبيل المثال : 1. تنفيذ الاستحقاق الدولي في مجال حقوق الطفل والالتزام بالمعاهدات الدولية 2. ضمان حقوق للأطفال الأردنيون في قوانين تخصهم ومكملة لبقايا التشريعات الأخرى الخاصة بالطفل والاسرة 3. ضمان جودة القوانين وتطويرها في مجال حقوق الانسان ومنها حقوق الطفل بعيدا عن الغو في القانون 4. المساواة في الحقوق لكل الأطفال الأردنيون 6. يضمن هذا القانون تسكير بعض الفجوات والنقص التشريعي في التشريعات الوطنية التي لم تشير الى بعض من حقوق الأطفال مثل الزامية التعليم ومجانيته والصحة البدنية للطفل ومجانتيتها وضمان الدولة لخصوصية الطفل وحمايته من التغول عليه من خارج الاسرة واستغلاله الإلكتروني وجنسيا وجسديا ، وغيرها من الحجات الوطنية من هذا القانون .

وأقول لكل من المعترضين على هذا القانون من النواب وغيرهم من المعارضين لمشروع قانون حقوق الطفل المتشدقين بان هذا القانون يعمل على تفكيك الاسرة وانه يسمح للطفل بالتمرد على والديه فإنني اود ان اذكرهم بأن هناك تشريعات وطنية كفلت للطفل الحق بالتقدم بالشكوى على اسرته او وليه امام المحاكم النظامية للمطابة بحمايته من أسرته أو وليه والمنصوص عليها في قانون الحماية من العنف الاسري، ، وما يتعرض له من ممارسات واعتداءات على حقوقه تستوجب في كثير من الأحيان تدخل الجهات الرسمية لحمايته وبموجب قوانين تسن لنلك الحماية تراعى فيها الخصوصية الدينية والاجتماعية لكل دولة وكذلك كفل القانون للطفل بالتقدم بالدعاوى على والده او وليه او أسرته امام المحاكم الشرعية للمطالبة بحقوقه والمنصوص عليها في قانون الأحوال الشخصية الأردني .

وسؤالي لهؤلاء المعترضين على قانون حقوق الطفل لماذا لم يتم الاعتراض على هذه القوانين واعتبارها تساهم في تفكيك الاسرة وتمرد الطفل عليها ؟؟!!! الا اذا كان هذا الاعتراض لهذا القانون لهدف شعوبي او لضعف قانوني وتشريعي او عدم قراءة صحيحة لمشروع القانون او عدم فهم تشريعي وأيا من هذه الأسباب كان يعتبر كارثة تشريعية على الوطن وتعطيل لتطوير القوانين وتظليل ل الرأي العام ونسب نصوص لقانون لم تكون منصوص عليها في هذا القانون .

أخيرا وبعيدا عن التضليل والتشويش المقصود على هذا القانون فإنني أرى ان هذا القانون ذو أهمية للملكة من الناحية الدولية والوطنية مع تحفظي الشخصي على صياغة بعض بنوده وركاكتاها والضعف الحكومي في تبرير وتوضيح وجهة نظرها من التقدم بهذا المشروع القانوني المعطل منذ عام 2006 ، الا انني اعتبره نقطة في الاتجاه الصحيح واضافة نوعية للقوانين الوطنية التي تحفظ حقوق الأردنيون ومن ضمنها شريحة الأطفال التي تزيد عن 40% من نسبة سكان المملكة الأردنية الهاشمية .

*عقيد متقاعد من الأمن العام.