بعد عامين متتاليين من السياسة النقدية المتشددة التي انتهجتها معظم البنوك المركزية حول العالم وذلك لكبح جماح التضخم والذي وصل إلى ارقام قياسية بفعل تبعات ازمة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية وما نتج عنها من ارتفاع في أسعار الطاقة والغذاء ولكن سرعان ما انخفض التضخم بسبب رفع أسعار الفائدة و تراجع الطلب وحالة الركود التي تعيشها معظم اقتصادات دول العالم .
البنك المركزي الأوروبي بدء مسيرة خفض الفائدة وبادر اليوم بخفض سعر الفائدة ربع نقطة مئوية لتصبح ٣،٧٥٪ ومن المتظر ان تبادر اكثر من ١٠ بنوك مركزية حول العالم تخفيض أسعار الفائدة بعدما استقر التضخم على انخفاض وهذا يعني تخفيض كلف الاقتراض مما سينعكس ايجاباً على المقترضين.
محلياً قد ينتظر البنك المركزي الأردني قرار الفيدرالي الأمريكي بخفض الفائدة وهو ما سيقوم به الأخير على الاغلب بعد سلسلة من ثبيت أسعار الفائدة خلال الأشهر الماضية ومن هنا على المركزي الأردني ان يبادر بخفض أسعار الفائدة تماشياً مع العديد من البنوك المركزية حول العالم وذلك للتخفيف من السياسة النقدية المتشددة التي تنتهجها البنوك المحلية والتي تسببت بحالة من الركود الاقتصادي نتيجة ارتفاع كلف الاقتراض وزيادة الأعباء على المواطنين المقترضين بعد رفع أسعار الفائدة اكثر من ١١ مرة خلال العامين الماضيين .
خفض سعر الفائدة مهم جداً خلال المرحلة القادمة للاقتصاد الأردني والذي عانى كثيراً نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة والذي رفع من كلف خدمة الدين العام والذي وصل لما يقرب من ٢ مليار سنوياً والذي تسبب بمزيد من الضغوط على المالية العامة للدولة وكذلك انعكس ارتفاع أسعار الفائدة على المواطنين والذين ارتفعت قيمة القروض عليهم بشكل ملحوظ مما تسبب بتآكل الرواتب وتراجع الدخول والذي عمل على انخفاض القوة الشرائية وإصابة الاقتصاد بحالة من الركود غير المسبوق .
القطاعات الاقتصادية تأثرت كثيراً نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة والذي انعكس على قدرة المؤسسات والشركات من دفع الالتزامات المالية المطلوبة منها للبنوك المحلية وعدم قدرتها على الاقتراض مجدداً بسهولة بسبب السياسة النقدية وارتفاع كلف الاقتراض مما تسبب بعدم قدرة تلك القطاعات على القيام بمشاريع جديدة وتراجع أداء معظم تلك القطاعات وتكبد بعضها خسائر كبيرة .
آن الأوان لخفض أسعار الفائدة والتخفيف من السياسة النقدية المتشددة وعكس ذلك على القروض وبأثر رجعي لكي نخفف على المواطنين والقطاعات الاقتصادية وتبدأ مرحلة التعافي من آثار رفع أسعار الفائدة والتي كان لها الأثر السلبي الكبير على الاقتصاد الوطني.