من يخاف على وطنه عليه أولاً أن يؤمن به، بسيادته، بأمنه، باستقراره، بتاريخه، بحاضره، وبمستقبله. فالوطن يتطلب من أبنائه الإيمان العميق بدوره ومؤسساته، والحرص على وحدته وتماسكه. فالتفرقة والشرخ لا يخدمان إلا أعداء الوطن، بينما الوحدة والالتفاف حول المؤسسات تعزز من قوته وتماسكه.
في هذا السياق، يجب أن نُقدّر دور الأجهزة الأمنية، وعلى رأسها دائرة المخابرات العامة، التي أثبتت كفاءتها في حماية الوطن من التهديدات الإرهابية. فالثقة بهذه المؤسسات واجب وطني، والتشكيك في نزاهتها يفتح الباب أمام الفوضى ويقوض مناعة الدولة.
لذا، فإن الحفاظ على الأردن يتطلب من الجميع الالتفاف حول مؤسساته، والعمل على تعزيز الوحدة الوطنية، والابتعاد عن التفرقة والتشكيك، فالوطن بحاجة إلى كل أبنائه ليبقى حصناً منيعاً في وجه التحديات.
ومع ذلك، برزت أصواتٌ نصّبت نفسها حكماً وقاضياً، متجاوزةً دور الدولة ومؤسساتها. فمنهم من اندفع في إصدار الأحكام، وكأن الوطن ومؤسساته قد أوكلوه بالفتوى والقضاء وتنفيذ الإعدام ، ومنهم من استمر في التبرير والدفاع، متجاهلاً خطورة ما تم الكشف عنه من مخططات تهدد أمن البلاد وكأنه مقتنع بعدم سيادة الدولة ووجودها. كلا الطرفين، بتصرفاتهما، يشكلان خطراً على الدولة والمجتمع.
لذا، من الحكمة أن يترك الأمر لدولة المؤسسات والقانون، لتأخذ مجراها في معالجة هذه القضايا بحكمة وعدالة، وأنا اثق ثقة مطلقة بمؤسسات الدولة وقدرتها.