أرى من وجهة نظر خاصة، أن الحرب على أوكرانيا أصبحت في مهب الريح وحبلى بالمفاجآت ، خاصة بعد أعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل أيام مناطق لوغانسك ودونيتسك وزاباروجيا وخيرسون الأوكرانية باتت روسية، ولم يكتفي الرجل بذلك بل ندّد في خطاب مطوّل بما سماه سيطرة الغرب على النظام العالمي.
بالمقابل ، أكّد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن بلاده اتخذت ما وصفها بالخطوة الحاسمة، بالتوقيع على طلب الانضمام السريع إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو) ردا على الإجراء الروسي ، حيث قلل الخبراء من هذه الخطوة ؛ كون الناتو يعلم جيدا أن إنضمام أوكرانيا للحلف في هذه المرحلة سوف يقود العالم إلى مواجهة نووية مع روسيا لا تحمد عقباها ، علاوة على أن حلف الناتو يدرك جيدا أن إنضمام أوكرانيا إلى الناتو في هذه المرحلة يعني مواجهة مباشرة مع روسيا التي تمتلك ترسانة ضخمة من الأسلحة النووية والأستراتيجية المدمرة ، لا سيما أن الرئيس الروسي هدد مرارا بإستخدام كافة الأسلحة للدفاع عن المناطق الروسية ، وفقا للعقيد العسكرية الروسية ، وتوقيع بوتين على إنضمام هذه المناطق وفق الاستفتاء الذي نظم في تلك المناطق يجعل هذه الأراضي بحكم الرؤية السياسية الروسية أراضي روسية، تستدعي الدفاع عنها بما في ذلك إستخدام أسلحة الدمار الشامل في حالة تعرضها لأي إعتداء وهذا الشيء الخطير الذي يدركه حلف الناتو والغرب وأمريكا.
وفي حفل استضافه الكرملين لمراسم الضمّ، ألقى بوتين خطابا مطولا أكد فيه أن ضم المناطق الأربع الجديدة للاتحاد الروسي يعبّر عن الإرادة الشعبية للملايين، وأنّ سكان تلك المناطق باتوا مواطنين روسيين إلى الأبد.
وحضّ الرئيس الروسي كييف على وقف جميع عملياتها العسكرية في أوكرانيا، وقال "ندعو نظام كييف إلى التوقف فورا عن القتال، ووقف جميع الأعمال العدائية.. والعودة إلى طاولة المفاوضات".
وأضاف بوتين أن روسيا ستقوم بكل شيء للدفاع عن أراضيها، وعلى نظام كييف احترام ما وصفه بالإرادة الشعبية، مشددا على أن "القوة هي التي ستحدد المستقبل السياسي في العالم".
وأشار في هذا السياق إلى أن الغرب يحاول تغيير أسس النمو في العالم، ويمنع المجتمعات من التطور بوسائلها ومن الدفاع عن سيادتها.
ورأى أن الغرب "تخلى عن قيم الأسرة"، وأوضح أن "المجتمع الروسي لن يتقبل التوجهات الغربية والأنماط السلوكية الشاذة".
واتهم بوتين الولايات المتحدة بفرض سلطة الدولار على العالم بعد الحرب العالمية الثانية، ورأى أن "الغرب يريد تصنيفنا عدوا وأوروبا لا تريد حلا عمليا لأزمة الطاقة، الغرب لا يتراجع عن نشر الدعاية الكاذبة ضدنا، لكن هذه الأكاذيب لن تدفئ الأوروبيين في الشتاء".
كما هاجم السياسات الأوروبية قائلا إن أوروبا "تقبل بالخطط الاستعمارية الأميركية الجديدة، والغرب يستهدف شركاءنا والدول المجاورة لنا"، مضيفا أن "القيام بعمليات تخريبية وتفجيرات في خطوط الغاز في البلطيق هو ضمن وسائل مواجهة روسيا، والغرب هو المستفيد".
واتهم الرئيس الروسي الغرب بإنتاج أسلحة بيولوجية، واستخدام البشر في أوكرانيا حقول تجارب، كما أكد أن الولايات المتحدة وبريطانيا "حوّلتا دولا ومدنا إلى أطلال، وواشنطن خلّفت وراءها جثثا في بلدان عديدة".
وشدد في خطابه أيضا على أن روسيا بلد عظيم ولن يقبل أن يعيش على أساس "قواعد دولية مزورة"، وأنه ليس لدى الغرب أي حق أخلاقي في إملاء إرادته في حين يقسم العالم إلى دول متحضرة وأخرى متوحشة.
بالمقابل أكد زيلينسكي أن أوكرانيا لن تتفاوض مع روسيا ما دام بوتين رئيسا، مضيفا في فيديو بُث على الإنترنت أن "أوكرانيا لن تتفاوض مع روسيا ما دام بوتين رئيسا لروسيا الاتحادية.. سنتفاوض مع الرئيس الجديد وفق تغبير الرئيس الأوكراني.
وفي أول ردود الفعل الدولية على خطاب بوتين وإعلانه ضم المناطق الأوكرانية، قالت وزارة الخارجية الصينية "موقفنا تجاه أوكرانيا ثابت، ويتمثل باحترام سيادتها مع مراعاة الهواجس الأمنية لأي دولة أخرى"، وأضافت "مستعدون للعمل مع المجتمع الدولي لخفض التصعيد في أوكرانيا".
من جهته، قال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال إن "الاتحاد الأوروبي ومواطنيه يقفون مع سيادة أوكرانيا وحقها في الدفاع عن أراضيها حتى تحريرها"، وأكد أن "روسيا تضع الأمن العالمي في خطر عبر ضم مناطق أوكرانية، ولن نعترف بهذه الخطوة".
بدورها، قالت المفوضية الأوروبية إن شبه جزيرة القرم وخيرسون وزاباروجيا ودونيتسك ولوغانسك أراض أوكرانية، ولن نعترف أبدا بضمها إلى روسيا، مشددة على أن وحدة أراضي أوكرانيا غير قابلة للتفاوض وكذلك سيادتها.
وأفادت وزارة خارجية بريطانيا بأنها أبلغت سفير روسيا "باحتجاجنا بأشد العبارات على الضم غير القانوني لأراض أوكرانية ذات سيادة".
من جانبها، أكدت الخارجية الرومانية أنه يجب أن يرفض المجتمع الدولي الضم غير القانوني لأراض أوكرانية من قبل روسيا، كما قالت الخارجية النمساوية إن دونيتسك وخيرسون ولوغانسك وزاباروجيا ستبقى مناطق أوكرانية تماما مثل القرم.
وأكدت الخارجية البولندية، من جانبها، أنه لا يمكن للمجتمع الدولي أن يبقى مكتوف الأيدي في مواجهة الانتهاك الروسي للنظام الدولي، كما قالت الرئاسة المولدوفية "ندين بشدة خطوة روسيا ضم مناطق محتلة بشكل غير قانوني بعد تصويت وهمي أجري بتهديد السلاح".
وفي واشنطن، قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي إن بلاده لن تعترف أبدا بإعلان بوتين ضم أراض أوكرانية، مضيفا "لن نعطي أي أهمية لمحاولات بوتين تغيير خريطة أوروبا".
وفي الشأن ذاته، قال الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ إن "الناتو لن يدخل في نزاع عسكري مباشر مع روسيا، ونحن لسنا طرفا في الصراع، ودورنا يتمثل في حماية سيادة أوكرانيا"، مضيفا "نواجه في أوكرانيا حربا ذات خطورة طويلة الأمد، ودعمنا كييف لكي لا تكون للحرب كلفة باهظة علينا".
ورأى أن تهديد موسكو باستخدام أسلحة نووية ابتزاز للمجتمع الدولي وأن على روسيا إدراك أن لا فائز في أي تصعيد نووي، مؤكدا أنه "بعد لغة خطاب روسية طائشة وغير حكيمة، نرى الآن عملية ضم لأراض أوكرانية وهي خطوة تصعيدية خطيرة".
وتابع ستولتنبرغ "إذا أوقفت روسيا القتال فإن أوكرانيا ستقوم بالمثل"، داعيا بوتين إلى إنهاء الحرب على أوكرانيا، كما شدد على دعم حق كييف في اختيار مسارها وتقرير نوع التحالفات الأمنية التي ترغب فيها.
وقال وزراء خارجية مجموعة السبع "لن نعترف أبدا بالاستفتاءات المزيفة في أوكرانيا التي أجريت تحت تهديد السلاح، ونجدد التأكيد أن دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزاباروجيا والقرم هي أراض أوكرانية".
كما قال وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن "سنحاسب ومعنا دول مجموعة السبع أي كيان أو فرد أو دولة تقدم دعما سياسيا أو اقتصاديا للخطوات الروسية"، متوعدا بفرض عقوبات قاسية على "مسؤولين حكوميين وعائلاتهم في روسيا وبيلاروسيا".
لذا أرى من وجهة نظر خاصة ثانية ، أن الحرب الروسية على أوكرانيا هي بمثابة لعب الأدوار بين أمريكا والغرب من جهة ، وروسيا من جهة أخرى ، رغم ما صرح به الرئيس بوتين للشعب الروسي ، بإن هدفه هو "نزع السلاح من أوكرانيا واجتثاث النازية منها"، لحماية أولئك الذين تعرضوا لما وصفه بـ 8 سنوات من التنمر والإبادة الجماعية من قبل الحكومة الأوكرانية على حد قوله ، إلا أنني صراحة اشكك فيما ذهب إليه الرئيس الروسي من تصريح ، فالكل يعلم أنه منذ مجيء بوتين للسلطة، و هو يسعى لإعادة أمجاد الإتحاد السوفيتي و قد عبرت عن ذلك المسعى و الدور في مقالة كتبتها قبل( ٩ ) سنوات ، تحديدا في عام (٢٠١٣) بعنوان (الدب الروسي والحلم القديم )، حيث أوضحت فيها أن روسيا تسعى إلى إعادة الأمجاد السوفيتية ،و أحياء ما يسمى (القطب الثاني ) الذي كان زمن الحرب الباردة ، مناصفة مع الولايات المتحدة الأمريكية وهذا سوف يقودنا إلى حرب باردة أخرى يلوح فيها كل طرف بإستخدام الأسلحة النووية وجعل العالم أسير لتلك التهديدات وأن كان الرئيس الروسي قد أعلنها صراحة أن روسيا سوف تستخدم كافة الأسلحة للدفاع عن السيادة الروسية في إشارة ضمنية لإستخدام السلاح النووي التكتيكي على أقل تقدير وفق خبراء في السياسية العسكرية.
إلا أنني يا سادة ، أرى أن مجرد التلويح باستخدامه و أن كان من محض الصدفة و التهديد والتخويف ، إلا أنني أرى فيه بمثابة السيناريو المرعب الذي ينتظر العالم ، لا سيما مع استمرار تهديدات كل طرف من النزاع (روسيا -الناتو ) و الحشد العسكري الذي يقوم به الناتو و أمريكا في الدول التابعة لحلف الناتو الملاصقة للحدود الروسية وصفقات السلاح التي يرسلها دول الحلف و أمريكا إلى كييف . في المقابل ، يرسم الخبراء سيناريوهات مخيفة إن جاز التعبير ،لصراع القوة المفتوح بين الغرب وروسيا، وهي تترواح بين سيناريو حرب واسعة أو محدودة، وسيناريو استمرار التوتر الحاد الذي لا يحمد عقباه الذي لا قدر الله سوف يقود العالم إلى حرب ثالثة وربما نووية، بحيث تكون القشة التي سوف تقصم ظهر البعير .