من الصعب النظر الى التعديلات التي تقترحها مؤسسة الضمان الاجتماعي على قانون الضمان حالياً بمعزل عن الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطن، ففي الوقت الذي تعاني منه الأُسَر من ضائقة مالية شديدة وتواجه شطف العيش، يخرج علينا مدير عام مؤسسة الضمان بتعديلات على قانون الضمان أقامت المجتمع ولم تقعده، وأربكت الناس بمختلف شرائحهم ومستوياتهم المعيشية، وكيف لا والضمان يهم كل مواطن وكل أسرة وكل عامل وكل موظف في القطاعات..!
أوضاع الناس صعبة والمجتمع الأردني يمر بحالة اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة من المعاناة وقسوة الحياة وتآكل القوة الشرائية للرواتب والأجور، ومع ذلك يأتي مدير الضمان ليتحدث عن جملة تعديلات جوهرية قاسية على قانون الضمان، وهي من أكثر التعديلات أثراً سلبياً على مختلف الأطراف من مؤمّن عليهم ومنتفعين وأجيال وحتى على مؤسسة الضمان نفسها، ويأتي ذلك في توقيت غير مناسب على الإطلاق، كما أن معظم التعديلات التي تحدّث عنها ليس لها أي ضرورة ولا تحمل قط صفة الاستعجال، كما أنه لم تُجرى بشأنها حوارات مع شرائح المجتمع وأطيافه، وكل ما جرى هو حوارات مخططة وضيقة جداً، وكأن المؤسسة تتحاور مع نفسها وفي غرفها وردهاتها فقط..!!!!
مدير الضمان أربك َ المجتمع الأردني بأسره، والكل بات يتساءل هل ستمسني التعديلات القادمة، كما أن كثرة الحديث العابر عن التعديلات وعدم نشر مسوّدتها للرأي العام زاد من حجم التشكيك والريبة والتخوف لدى عامّة الناس، الأمر الذي أرخى مزيداً من التساؤلات والترقب والإرباك..!
أما الحكومة فلا تزال مع الأسف تقف صامتة إزاء هذا المشهد المتوتر، وقد تركت مدير الضمان يبشّر بتعديلاته وكأنها نصر وظفر مبين، فيما هي في حقيقتها تحمل الكثير من السلبيات على مختلف الأطراف، فالقراءة التحليلية والفاحصة لهذه التعديلات تكشف حجم الاختلال فيها، وقد كتب في ذلك بالتفصيل خبير التأمينات والحماية الاجتماعية الأستاذ موسى الصبيحي الذي رفع صوته ولا يزال منادياً بالحكمة والتروي في إقرار هذه التعديلات، ومشيراً إلى الكثير من المحاذير التي تشوبها، ومع ذلك لم نجد آذاناً صاغية لما قيل حتى الآن..!
مدير الضمان الاجتماعي يدخل مغامرة خطيرة غير محسوية ولا محمودة العواقب، وعلى الحكومة والدولة بقطاعاتها المختلفة أن توقف توغله في مغامرته، لأن النتائج ستكون مؤلمة، ومهدّدة للأمن والسلم المجتمعي، فالناس اليوم تعاني، ولا نريد أن نزيد من معاناتهم، لأن للمعاناة سقف، وما زاد سيؤدي إلى انفجار مجتمعي لا سمح الله، يخسر منه الجميع..!
أوقفوا تعديلات الضمان فوراً، وأوقفوا مدير الضمان عند حدّه بعد أربع سنوات من ترؤسه لهذه المؤسسة، لم يشعر خلالها الناس بالاستقرار في تشريعات الضمان ولا قراراته ولا حتى بعض مبادراته التي حادت عن مسار المؤسسة بصورة كبيرة وغير مسبوقة ولا معهودة وغدت المؤسسة تلعب خارج نطاق قانونها مع الأسف وهو ما يستوجب المراجعة والمساءلة فوراً..!