يوم أو يومان تفصلنا على نهاية شهر رمضان المبارك.. شهرالرحمة والمغفرة ..شهر الخير والبركة والعطاء ، بكل صوره من شعائر دينية ،الى قرارات يغلب عليها طابع التكافل الاجتماعي وتخفيف الاعباء على المواطنين خلال الشهرالفضيل .. فالحكومة استمرت بتثبيت أسعار المحروقات لمدة خمسة اشهر ، وكلّفها ذلك القرار- بحسب رئيس الوزراء د. بشر الخصاونة - نحو( 162 مليون دينار) وهي الآن ستعود لرفع التسعيرة تماشيا مع ارتفاع اسعار النفط العالمية ، كما من المتوقع أن يبدأ التطبيق الفعلي للتعرفة الكهربائية الجديدة مع وصول الفواتير للمواطنين والمقيمين والتي لن يتأثر بها نحو ( 93%) من المشتركين بل ستنعكس ايجابا على قطاعات اقتصادية تشمل القطاعات الصناعية والتجارية والسياحية والزراعية - بحسب الحكومة أيضا - .
من القرارات المؤجلة خلال الشهر الكريم توافق البنوك في الأردن وبالتنسيق مع «البنك المركزي الأردني» على تأجيل أقساط قروض الأفراد خلال شهر رمضان المبارك (لشهر نيسان) دون فوائد تأخير أو عمولات ، وهذا القرار أيضا سيزول بعد انقضاء شهر رمضان المبارك.
هناك مشكلة أصعب ستستمر صعوبتها بعد الشهر الفضيل اذا كانت مسبباتها خارجية ،في حين يتأمل أن تنتهي المشكلة اذا كانت داخلية ،الا وهي مشكلة ارتفاع اسعار السلع الاستهلاكية.. فمشكلة ارتفاع أسعار»الدجاج» - على سبيل المثال - يفترض أن تنتهي بعد شهر رمضان حيث تعود معدلات الاستهلاك الى مستوياتها الطبيعية مما قد يساعد على ضبط الاسعار ..كما يتأمل ان تعود أسعار «الليمون» الى معدلاتها الطبيعية مع قرار فتح الاستيراد مؤخرا ..ولكن لا يتوقع مثلا أن تتراجع اسعار «الزيوت النباتية» او المواد الغذائية المستوردة من الخارج لان الارتفاع عالمي سواء كانت أسبابه تقطّع سلاسل الامداد او تراجع معدلات الانتاج أو حتى ارتفاع كلف الشحن ..وغيرها من المسببات جراء جائحة كورونا أولا ،والحرب في أوكرانيا ثانيا .
من هنا فاننا ندعو الى ضرورة « التدّرج « - على الاقل - في رفع أسعارالمحروقات وبنسب معقولة يتحملها المواطن ، كما نتطلع الى التطبيق العملي للتعرفة الكهربائية الجديدة وان تكون التغذية الراجعة للتجربة في شهرها الاول « فاتورة شهر نيسان «مطمئنة للمستهلكين ممن يقل استهلاكم عن ( 600 ك.و.س / شهريا) وداعمة ومحفزة وبتخفيضات ملموسة للقطاعات الاقتصادية ، أما بالنسبة للبنوك فاننا ونحن ندرك تماما ان ما تم هو تأجيل اقساط القروض وليس الغاءها بالتأكيد ،ولكن الأمل بأن يتم ذلك وفق آليات ميسّرة على المواطنين الذين تضاعفت مصاريفهم خلال الشهر الفضيل وستزداد خلال فرحة عيد الفطر السعيد ، وبالتالي فان البنوك معنية من خلال مسؤوليتها الاجتماعية والوطنية بالتخفيف على المواطنين قدر المستطاع دون تراكم الاقساط والغرامات على المقترضين.
أما موضوع الاسعار.. فهذه قضية مفتوحة ومتواصلة وتتطلب جهدا وتنسيقا متواصلا بين الحكومة ممثلة بوزارة الصناعة والتجارة والتموين ووزارة الزراعة وغرف الصناعة والتجارة ونقابة تجار المواد الغذائية وكافة الجهات المعنية لضمان استمرارية توفير المواد الاساسية بالدرجة الاولى ومن أكثر من مصدر وبأسعارمعقولة ،والتوافق على تسعيرة تنصف التاجر والمستهلك دون مغالات من طرف أو ظلم لأي طرف على حساب الآخر في المعادلة الاستهلاكية .
خلال شهر رمضان ارتفعت معدلات الصرف الاستهلاكي للمواطنين والمقيمين خصوصا في القطاع الغذائي واستعادت المطاعم والفنادق والمولات والحلويات والخضار والفواكه واللحوم وحتى البقالات وغيرها نشاطها بعد تراجع استمر لعامين ،اضافة لنشاط افضل مقارنة بالعامين الماضيين لقطاعات الملابس والاحذية خصوصا مع قرب حلول عيد الفطر السعيد .
باختصار..انقضى شهر البركة والتسامح وندعو الله ان يجعلنا من عتقاء الشهر الفضيل ..انقضى شهر الرحمة والمرحمة بتسهيلاته ومبادراته، وها نحن نعود لما كان عليه الحال قبل رمضان، وهذا ما يستوجب حكمة وحنكة بادارة ظرف اقتصادي ضاغط على المواطنين نظرا للمستجدات والمتغيرات المذكورة أعلاه بما يساعد على مواجهة التضخم ويبقي على الحركة الاستهلاكية نشطة وهذا لا يكون الا برفع وتيرة التنسيق المشترك بين كافة الجهات المعنية بقوت المواطن .