في مبنى الحسين للسرطان كان المعلمون يقفون صامتين هم فقط يحدقون بأعين غائرة تمتلأ ببعض السيول الحارقة
التي ما أنفكَت حتى أغدقت عمان وسارت مع المشيِّعينَ نحو الكرك توصي المعلمين بالطلبة خيراً وحباً وتوصي المحبين بكثيرٍ من طلب الرحمة
لتيسير!
فِي مشرحة آثمة في مستشفى الجامعة الاردنية ينام تيسير على ظهره ضاحكاً مبتسماً
وي كأنه يأخذ قيلولةً بعد محاضرةٍ أنهكته حد التعب؛ ولكن الحقيقة أن ( سرطان الدم) هو من أن أنهك جسده وعزيمته وهز قلوبنا جميعاً، هز دواخلنا البالية التي أصابها اليباس.
كان الفقيد دائم الإبتسامة حسن المعشر، ففي جامعة البلقاء كان كسائر الرفاق هناك أنيقاً رشيقاً صلباً قوي الحضور حسن السيرة، وفي الأمس! يالله أبات هذا ماضياً عقيماً لن نستطيع أن نغير بعضاً منه ؟!
في الأمس كان بيننا ينثر بعض الإبتسامات و الدفئ في ممرات معهد الاعلام الاردني
حيث كان رفيقاً ايضاً في رحلة الماجستير
والآن أي فقد هذا الذي أصابنا يا صديقي ؟!
أي حزنٍ باردٍ اعمى يصيب قلوبنا الهشة.
في الحقيقة انا آسف ، فانا كنت أمازحك حد التعب حين أذكر أنك تميل نحو الإخوان رفقة هشام وثابت ، وانني يساري متهكم ! انا آسف لأنني لم ألتقط معك الكثير من الصور
ولم أُلبي دعوتك على الغداء رفقة فراشتك المدللة أسل،
آسف لان آخر لقاء كان بيننا كنا نحادث الاخ والصديق النائب أحمد القطاونة واتفقنا على أن نذهب اليه بزيارة مفاجئة
اسف لأن مستشفى الحسين للسرطان لم يستطع أن يجعلك تجلس معي يوماً آخر.
هذا المرض العضال يفتك بنا ، هذا المرض الذي أخذت بيده انت ، لتسير نحو رحمة الله وفي حضرته دون وداع وإستئذان.
أكتب وانا أسترق النظر نحوكَ وانت تبتسم هي ذات الإبتسامة التي ارتسمت على محياك آخر لقاء على مثلث قرية مليح منذ قرابة الشهر ونيف.
قبل ثلاثة ايام كنت يا صديقي توصي المعلمين ، وتسأل عن أحوال الطلبة …و اليوم نحن من نوصي الله أن يتغمدك بواسع رحمته ومغفرته.
تيسير يغادر المشرحة منذ قليل بخطى ثابتة يودع شوارع عمان. نحو الكرك لينام هذه الليلة في ضيافة رب كريم رحيم.