2024-11-26 - الثلاثاء
00:00:00

آراء و مقالات

ثورة زراعية وليست مجرد خطة

{clean_title}
ابراهيم عبدالمجيد القيسي
صوت عمان :  

لو كان عنوان المقالة : ما سر اهتمام جلالة الملك بالخطة الوطنية للزراعة المستدامة؟.. لما اختلف المعنى كثيرا، فجلالته تابع أمس الأول عرضا للخطة الزراعية الحكومية، قدمه وزير الزراعة المهندس خالد الحنيفات، وقد أبدى جلالته ملاحظاته حول هذه الخطة، وطالب الحكومة بتحقيق نتائج ملموسة، وبعد هذا الضوء الأخضر الذي منحه جلالته لهذه الخطة، تم إطلاقها من الحكومة، وما زالت وسائل الإعلام تتابع المرجعيات الرسمية في وزارة الزراعة، وكذلك تتقصى آراء بيوت الخبرة في مختلف القطاعات والمجالات التي طرحتها الخطة الوطنية للزراعة المستدامة، والتي تشكل ثورة في التغيير والإصلاح والتطوير والتفكير في هذا القطاع الحيوي السيادي المهم.

كتبنا غير مرة عن الخطط والاستراتيجيات الحكومية، وركزنا الحديث على سبب تقهقرها ثم اختفائها واستبدالها بأخرى، تتغير بتغير المسؤولين والحكومات، وقلنا بأنه ومهما كانت الخطط عبقرية وذكية ومنتجة، إلا أن الخلل يكمن في التنفيذ، فأول المطلوب في هذا الصدد هو وجود جهة مسؤولة عن نجاح هذا الخطة، أو تطبيقها بحذافيرها، ورصد نتائجها على أرض الواقع، ومساءلة القائمين على تنفيذها، ومطالبتهم بالإنجازات الموعودة، فعلى صعيد المساءلة والمتابعة ورؤية النتائج على ارض الواقع، فقد بنيت هذه الخطة بناء على هذا الهدف السياسي الاداري، وتم تحديد مواعيد لتحقيق نتائج في كثير من محاورها وتفاصيلها.

ثورة التغيير والتطوير التي اشتملت عليها خطة الحكومة ممثلة بوزارة الزراعة، يمكن مشاهدتها من خلال الأهداف التي حددتها هذه الخطة، وطرق تحقيقها، ومواقيتها، وتحديد المطلوب لتحقيق هذه الأهداف، بل وتغيير أنظمة وتعليمات في العديد من المؤسسات الحكومية ذات العلاقة، لا سيما على صعيد الاستثمار في القطاع الزراعي، وتسهيل الإجراءات أمام هذه الاستثمارات، وتوجيهها إلى زراعات تصديرية، أو زراعات محاصيل العجز، وتوفير مزيد من الحماية للمزارع الأردني وللمنتجات المحلية، بشكل يضمن عدم التنافسية بين المزارع المحلي والمستثمر الكبير.

استخدام التكنولوجيا الزراعية، وبناء شراكات مسؤولة ومشروطة بإيجاد فرص تشغيل للأردنيين، هدفان استراتيجيان لهما كل التأثير على تنظيم وتطوير القطاع وتحسين الانتاج وإيجاد فرص عمل، وهما هدفان كنا نسمع عنهما سابقا خطابات عرمرمية كثيرة وتنظير أفلاطوني، لكنهما في هذه الخطة حقيقيان مبنيان على اشتراطات، تضمن دعم القطاع والارتقاء به وبالعاملين به وعلى ضفافه، وفي الوقت نفسه تقدم الخطة إجراءات جديدة حقيقية، على صعيد تشجيع الاستثمار واستقطابه، وهذا محور سيلغي المقارنات الكثيرة مع دول في المنطقة، يتم خلالها إضفاء فكرة سلبية عن تفكير الحكومات الأردنية على صعيد جذب الاستثمارات، أو بناء شراكات مع القطاع الخاص، تقدم حلولا لمشكلة البطالة ولكثير من مشاكل الانتاج.

فقرات ومحاور ثم تفاصيل وتوقيتات هذه الخطة، تؤكد بأنك أمام «آلية» مدروسة للنهوض بالقطاع الزراعي، الأمر الذي يشكل ثورة أخرى في تغيير التفكير الزراعي التقليدي، فالثقافة التقليدية الجاثمة في العقلية العامة قد تكون موجودة في ذهن مزارع لا يريد تطوير نفسه، لكنها بالتأكيد أصبحت غير موجودة في نهج وزارة الزراعة، بعد أن قدمت خطة وطنية محددة الأهداف والغايات والآليات ومحسوبة «بالفلس».

تحدثنا في أكثر من مقالة عن القيمة المضافة، وعن الصناعات الغذائية، وعن تنمية وتحسين ظروف المزارعين، وكلها غايات مدمجة في بنود هذه الخطة، وهذا ليس بكلام تنظيري ولا هو تلميع لأحد، بل هو هدف يمكن للجهات الإعلامية والجهات الزراعية رصده، من خلال متابعة إنجازات الحكومة على هذا الصعيد، وقد قلنا سابقا: «إن زمن الكلام قد ولّى» ..وبإمكان المتابع الموضوعي أن يقيّم بل ويسأل عن الانجازات، ومدى صدقية الحكومة في تحقيق أهداف خطتها لكل عام من الأعوام الأربعة المقبلة، ابتداء من عام 2022 وحتى نهاية 2025.

وللحديث بقية..