*"الثقافة المالية في المدارس، استثمار ذكي في مستقبل أبناء قادرين على قيادة الاقتصاد الأردني"*
*المعلم الباحث: د.سهم خالد العجارمة
في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية المتسارعة، أصبح من الضروري أن يمتلك كل فرد أساسيات الثقافة المالية لإدارة حياته بفعالية في وقت نعاني فيه من عثرات الاقتصاد، نشعر جميعًا بثقل المصاريف وتحديات الحياة، لكن الأمل ،،،،، يبدأ من أبنائنا.
فمن هنا، تبرز أهمية إدخال هذه المادة إلى المناهج الدراسية، وهو ما بدأت ألمسه فعليًا في مدرسة جميل شاكر الثانوية الشاملة للبنين (الصويفية)/ التابعة لمديرية تربية لواء وادي السير عندما أرى طالب الصف التاسع يناقش فكرة الاستثمار البسيط، أو طالب الصف العاشر يتحدث في شركات التأمين وأنواعه، فما بالك بطالب الأول ثانوي عندما يتقمص دور المناظر في الأنظمة الاقتصادية، فيا لعجبي!!! أن باتت هذه المادة نافذة حقيقية لإعداد طلبة أكثر وعيًا ومسؤولية.
وفي حديثي عن أهمية تدريس الثقافة المالية فإن إدخال الثقافة المالية إلى البيئة المدرسية ليس مجرد إضافة أكاديمية، بل هو استثمار طويل الأمد في وعي أبنائنا، فعندما نعلّمهم كيف يديرون مصاريفهم، كيف يفرقون بين رغباتهم واحتياجاتهم، وكيف يخططون لمستقبلهم، فإننا لا نمنحهم مجرد درس، بل هي أمنية لحياة أفضل، فهذه الثقافة تحميهم من الوقوع في فخ الديون، وتجعلهم قادرين على مواجهة صعوبات الغد بأيدٍ قوية وقلوب مطمئنة، ففي كل صف، وفي كل حصة، نزرع بذور الأمان والاعتماد على النفس، وبذلك نكتب معًا فصلاً جديدًا من قصة أردن قوي ومجتمع مزدهر، رغم كل العثرات.
إن نجاح مثل هذه الجهود التعليمية لا يكتمل إلا بدور الحليف الأبرز للمدرسة فدور المجتمع والأهل هو الدرع والداعم الأساسي للطالب، فيحولون ما يتعلمه الطالب في صفه إلى ممارسة يومية في البيت والحي والشارع، فيمكن للأهل أن يحاوروا أبناءهم حول مصروف البيت، أو يشركوهم في قرارات بسيطة تتعلق بالادخار أو الشراء، ليشعر الطالب أن ما يتلقاه في الصف ليس مجرد درس نظري، بل مهارة حياتية تمارس في البيت والحي والسوق، كما أن المجتمع المحلي بدوره مدعو إلى احتضان هذه الجهود ودعم الأنشطة المدرسية التي تحاكي الواقع المالي، كالمعارض الصغيرة أو المشاريع الطلابية التي تُظهر قيمة العمل والإنتاج.
تتبلور الأدوار من المدرسة والأهل والمجتمع انسجامًا مع رؤية التحديث الاقتصادي 2033، التي تهدف إلى بناء جيل قادر على اتخاذ قرارات مالية رشيدة ومبنية على أسس علمية، بما يسهم في تحقيق نمو اقتصادي مستدام، وزيادة دخل الفرد، وتحسين ترتيب الأردن في مؤشر التنافسية العالمية.
"غرس الثقافة المالية في المدارس ليس مجرد تعليم، بل هو استثمار فعلي في مستقبل أبنائنا وأداء الاقتصاد الوطني على حد سواء".