كتب أ.د. محمد الفرجات
- الغليان الحراري غير المسبوق في صيف 2023 ينذر بصيف أكثر حرارة في الأعوام القادمة
- القطاعات الحيوية كالمياه والزراعة والسياحة والطاقة والشبكات والبنى التحتية والفوقية والسكان، كلها مهددة هنا وفي معظم دول العالم
- البصمة الكربونية للدول والقطاعات والأفراد تأخذ حيزا هاما في مؤتمرات ومباحثات التغير المناخي، والجميع مطالبون بخفض إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون بكل الطرق...
- الكوكب أصبح يعكس بتسارع واضح آثار التغير المناخي، والمملكة جزء من هذا العالم، ووزارة البيئة عليها التعامل مع الإتفاقيات الدولية في هذا الخصوص،
- أمراض جديدة تظهر على الساحة، وجغرافية كل دولة وطبيعة سكانها صحيا تحدد طبيعة هذه الأمراض، ووزارة الصحة عليها التعامل مع الأمر بالتقصي والدراسات ووضع الحلول،
- الشح المائي من أهم إنعكاسات وآثار التغير المناخي في المملكة، متمثلا بالجفاف وشح التساقط المطري، ووزارة المياه عليها التعامل مع الأمر،
- التغير المناخي يمس أمننا الغذائي ويحد من المساحات القابلة للزراعة والأراضي الخصبة، كما ويؤثر على الإنتاج الزراعي ومصادر الأعلاف والثروة الحيوانية، واللحوم ومنتجات ومشتقات الألبان، ووزارة الزراعة عليها التعامل مع ذلك،
- الكوارث الطبيعية من حرائق وفيضانات وموجات حر وأعاصير بدأت ملامحها جلية في المنطقة، وإدارة الأزمات ووزارة الداخلية معنيتان بالأمر كثيرا،
- السلطات المحلية ومجالس التنظيم مطلوب منها تقديم إستعمالات أراضي ذكي يحافظ على الأراضي المنتجة، إضافة لإختيار الموقع الأنسب لإستعمالات الأراضي المختلفة،
- التغير المناخي يفاقم مشكلتي الفقر والبطالة بفقدان المصادر وتدهور البيئة، ووزارت العمل والتنمية الإجتماعية والإقتصاد، عليها الكثير لمواجهة الأمر،
- الحلول والإبتكارات بالتكنولوجيا والذكاء الإصطناعي والصناعات الدوائية مطلوبة، والجامعات عليها تطوير البحث العلمي التطبيقي وقيادته في هذا الإتجاه،
يعد إيجاد مركز لدراسات وحلول التعايش مع آثار التغير المناخي أمرا هاما وملحا، لجمع المحاور أعلاه والتعامل معها بمنهجية وإستراتيجيات وخطط واضحة، كما ويجب أن يكون على علاقات رسمية مع الوزارات والمؤسسات التي ذكرناها أعلاه، فالتغير المناخي بات يهدد الكوكب، والجميع معرضون للمخاطر والآثار، والجميع مدعوون لإنجاح هكذا مركز وطني.
يستطيع هكذا مركز الإستفادة من المنح المقدمة من دول العالم، وتنمية علاقاته الدولية ليصبح مركزا إقليميا علميا مرموقا ومرجعا من الطراز الأول...
فلا شك بأن المملكة تمر بفترة بدأت فيها علامات التغير المناخي العالمي تظهر جلية وواضحة، حيث أن التساقط المطري أخذ أشكال توزيع مكاني وزمني مختلفة تماما عن المعدلات السنوية للعقود الماضية، كما وأصبح يتركز في مناطق دون الأخرى.
الفجائية وإرتفاع كميات المطر في فترة قصيرة أصبحت السمة الغالبة، والتي تشكل الفيضانات الومضية.
إحدى دراساتي العلمية مع أحد الزملاء والمنشورة في مجلة علمية محكمة تشير إلى انخفاض في كميات الأمطار وتغير في خارطة التوزيع المطري في المملكة، حيث تزداد المناطق الجافة جفافا في الجنوب والشرق، بينما تتحول المناطق ذات كميات التساقط المطري الجيد في الوسط والشمال الغربي إلى شبه جافة.
ومن ناحية أخرى فطبيعة التساقط المطري زمنيا أصبحت تتجه نحو التأخر عن شهر أيلول وتشرين أول، حيث تحدث إزاحة للتساقط بإتجاه الفترة الأكثر دفئا، مما يقلل من فرص النمو الخضري والشحن الجوفي وإغناء التربة بالماء، حيث يستهلك التبخر جزء جيد من الماء. ويعد هذا تحدي واضح يواجه الزراعة والإنتاج الزراعي والغطاء الأخضر والصحة العامة وسلامة المحيط البيئي والتنوع الحيوي، فضلا عن قلة تجدد المياه الجوفية وتحسن نوعيتها والتي تعد مصدر الشرب الرئيسي وشبه الوحيد في المملكة.
التوسع باستعمالات الأراضي بات يستهلك المساحات الزراعية الخصبة، كما وأصبح يزيد من خطر الفيضان المفاجيء عند زيادة الجريان السطحي وانخفاض كميات الرشح للتربة.
تقلص المساحات الزراعية وانخفاض التغذية الجوفية وتدني نوعية المياه الجوفية بجانب خطر الفيضان المفاجيء، تهديدات تعيشها المنطقة بما فيها المملكة بسبب التغير المناخي المتسارع.
الماء شريان الحياة والذي يشكل القاعدة التي يعتمد عليها مزارعو المملكة، ويشكل من جهة أخرى عصب الصناعة والسياحة، أصبح مهددا كمصدر، وهذا بدوره يهدد مصادر دخل نسبة كبيرة جدا من المواطنين، بينما يمس الناتج القومي والإقتصاد وقوة الدينار الشرائية.
وحول خطر الفيضان، كنا أول من تنبه مع الزملاء لذلك عندما ركبنا نظام الإنذار المبكر لخطر الفيضان في البترا عام 2012.
وعندما أشرفت على إعداد المخطط الشمولي الإستراتيجي لإقليم البترا للعشرين عاما القادمة والذي أطلق في 2013، وضعت في مقدمة الاهتمامات وبالتعاون مع الشركات العالمية والتي فازت بالعطاء وفيما يتعلق بحيثية مخطط إستعمالات الأراضي، أهمية الحفاظ على المناطق الصالحة للزراعة حفاظا على أمننا الغذائي، وبدلالة خرائط مكانية لخصوبة التربة وطبوغرافية الأراضي وثباتيتها الجيوهندسية ووفرة مصادر بالمياه، وخصصنا نطاق عازل حول حرم الأودية الرئيسية بمسافة 50 متر عن كلا جانبي المجرى، حيث كان مستقبل المواطن وأمنه في مقدمة الأولويات.