(صح بدنك) هل تتذكرونها..؟ إنها تحية العمال في موروثنا الشعبي والوطني، وكنا نسمعها كثيراً، أيام زمان أيام الكد والتعب وشظف العيش والعرق والجهد والنخوة والتعب الأزلي… الذي يرافقنا كأنه قدرنا..!، كانت تحية محببة للنفس يكررها اجدادنا وجداتنا ..اثناء العمل وبعد العمل… وكان لها وقع طيب… لأن الأنفس كانت طيبة… والحياة بسيطة.
صح بدنك؛ تحية من القلب وخاصة لمن يعمل وتعني؛ الله يعطيك العافية والصحة, وفي طياتها الرجاء والدعاء بأن يمدك الله بالعافية و أن يبعد عنك ويشفيك من الأمراض, وأن يصح بدنك ولا يتعبك، وأن تنعم براحة الجسد، وكل هذا قبل أن نسمع بعيد العمال أو حقوقهم… أو نقاباتهم.
صح بدنك… لا أذكر آخر مرة سمعتها… وربما اختفت…! ولكنها فرصة لنتذكرها… فقد كانت تحية بسيطة محببة مريحة للنفس… يتلوها إفطار بلدي وإبريق شاي يقدمه صاحب العمل أو ربة المنزل…يتلوها تسليم الحساب قبل أن يجف العرق…! وأكررها اليوم لكل عامل في وطني… صح بدنكم..!.
بوركت الأيادي التي تعمل..بوركت الأيادي التي تكد وتتعب… بوركت كل حبة عرق وجهد لكل عامل في وطني، صحيح أنه عيد نستذكر فيه العمال كل سنة… إلا أنهم يستذكروننا كل صباح وكل لحظة وفي كل الظروف وهم يؤدون اعمالهم لخدمتنا وراحتنا.
كل عام وعمال الوطن بخير، كل عام وأنتم الأجمل، كل عام وأنتم أصحاب اليد المعطاءة، بوركت جهودكم وكل قطرة عرق تنساب من جباهكم لتسهلوا لنا معيشتنا وحياتنا… من خلال خدماتكم لنا او المنتجات التي تصنعوها أو تنتجوها، لتوفروا لنا كل ما نحتاجه جميعا لتستمر حياتنا ورفاهيتنا، من خلال خدمتكم ومنتجاتكم، فالعمل قيمة كبيرة، ولهذا أقترن العمل بالإيمان في كتابنا الكريم.
نحتفل بالعمال… وفي الخاطر الكثير مما يقال أو لا يقال… ومع صمتهم إلا أن مشاكل العمل من بطالة… وتدني الأجور… وعدم تطبيق التشريعات التي تحفظ حقوق العمال… وكذلك قصور أو عدم وجود التأمين الصحي… والضمان الإجتماعي… والأمان الوظيفي…وتنظيم سوق العمل وحمايته والكثير مما يستدعي عمل وطني تكاملي وتشاركي من ثالوث العمالة…
صاحب العمل( حكومة وقطاع خاص)، النقابات المهنية، العمال، لحل كل القضايا التي ذكرت، لنؤمن للعامل حياة كريمة وظروف عمل سليمة ومشجعة، ومستقبل يحفظ له كرامته ومعيشته، ومع أن المبادرات كثيرة… والوعود الحكومية أكثر…
ومنظومة التحديث تعد بالكثير… نبقى على أمل، تنظيم سوق العمل، وخلق الإستثمارات المشجعة والموفرة لفرص العمل؛ للحد من البطالة، ورفع مستويات الأجور، وتوفير التأمين الصحي والضمان الإجتماعي لكل عامل، وغيرها الكثير من الأمور التي تشكل معاناة موروثة للعمال في مختلف القطاعات الزراعية والصناعية والخدماتية في بلدنا.
أما قصة عيد العمال وتخليده والإحتفال به في كل دول العالم وجعله عطله رسمية في بداية شهر أيار من كل عام، ورغم اختلاف التفاصيل،
فتعود ليوم 1 أيار من عام 1886، اي قبل ما يقارب 135 عاماً، والتي ارتبطت بإعدام أربعة عمال في أمريكا ظلماً، حيث بدأت القصة بتظاهر ألآف العمال في أمريكا في مدينة شيكاغو للمطالبة ببعض الحقوق العمالية والتي سبقتهم إليها دول أخرى في ظل إستغلال العمال للعمل حتى 16 ساعة وإنتشار عمالة الأطفال والكثير من هضم حقوق العمال، وتلخصت مطالب العمال في حركتهم بتحديد ساعات العمل ب 8 ساعات في يوم العمل الواحد، والحصول على مستحقاتهم المالية دون مماطله وتأخير، حيث أعلن عمال شيكاغو الاضراب في يوم 1 أيار من عام 1886، وانضم لهم مئات الآلاف في ولايات أخرى، واستمر الإضراب أربعة أيام حتى اجتمع العمال بعمدة شيكاغو لطرح مطالبهم ولكنهم فوجئوا بمداهمة الشرطة لمقر الاجتماع وتفريق العمال بالقوة ونشبت اشتباكات بين رجال الشرطة والعمال، وانفجرت قنبلة في المكان وتم اطلاق النار والقبض على العديد من العمال، وكانت الصحافة تهاجم العمال لتحيزها لأصحاب المصانع ورجال الأعمال،وقتل خلال تلك الأحداث 11 شخصًا وأصيب حوالي 100 عاملًا، وتم القبض علي العديد من القيادات العمالية والعمال المشاركين بالاضراب واتهموهم بتفجير القنبلة، وصدر الحكم على أربعة منهم وبشكل سريع بالاعدام شنقًا وتم تنفيذ الحكم على الرغم من التظلمات بعدم عدالةالمحاكمة،
وخلال تنفيذ حكم الإعدام على العمال كانت زوجة أحد العمال المحكوم عليهم بالاعدام تقرأ رسالة ووصية من زوجها لأبنه يقول فيها ” ولدي الصغير عندما تكبر ستعرف أن والدك بريء وستعرف لماذا تم قتله، وأنه مات من أجل قضية شريفة وستفخر بي بين اصدقائك ".
أعدم العمال الأربعة، وبعد مرور 11 عام على إعدام العمال اعترف مدير الشرطة في الولاية وقتها بأن من رمى القنبلة هم الشرطة وليس العمال، وأن العمال لم يرتكبوا جريمة وقتها، هذا التصريح أثار غضب الكثيرين وأثار الرأي العام في العالم كله وتمت إعادة المحاكمة وحكم ببراءة العمال الذين تم اعدامهم، أما الطفل فقد نشر رسالة والده التي قرأها العالم وتعاطف معه الملايين، وتقرر اعتبار يوم 1 أيار/ مايو من كل عام عيداً عالمياً للعمال في اكثر من 130 دولة.
تحية للعمال في وطني وفي العالم… تحية لكدحهم وما يبذلونه من جهد وعطاء، ونقول لهم شكراً… لا تنتهي… ، وكل عام وأنتم بخير، وكل عام والوطن بسواعدكم ينهض ويكبر ويتطور… حمى الله الأردن.