قبل شهور قليلة ،هزت جريمة مقتل الشابة "لبنى منصور" الأردنية – الفلسطينية طعنا على يد زوجها الشارع الأردني والعربي بأكمله، خاصة بعدما تبين أن "لبنى" كانت تحاول الانفصال عن زوجها لوجود خلافات بينهما.
وقبل أيام، تداول رواد مواقع التواصل الإجتماعي مقطع فيديو لصوت سيدة تتعرض للتعنيف من قبل زوجها ،وبعد متابعته من قبل إدارة حماية الأسرة وجد أن السيدة لم تتقدم بأية شكوى للجهات المعنية للأسف ،بل وغادرت برفقة زوجها إلى إحدى الدول العربية.
تعد قضية تعنيف المرأة قضية خطيرة تلقي بظلالها على جميع قطاعات المجتمع، لما لها من عواقب وخيمة تؤثر على جميع مناحي الحياة لديها ،إذ تقف عاجزة عن المضي والمشاركة في المجتمع أو التمتع بحقوقها
ورغم حرص الأردن على معالجة العنف ضد المرأة ،الإ أن ما يجري وراء الأبواب المغلقة نتيجة لما يعرف ب"ثقافة العيب" يجبر المرأة المعنفة إلى الصمت والتكتم ، وتبقى حبيسة الخوف من تقديم شكوى لكونها تقع تحت سيطرة زوجها المعيل وعادات وتقاليد فرضت على مجتمع بأكمله.
ووفقا للأرقام، فإن حالات العنف ضد النساء في الأردن بلغت عام ٢٠٢١ حوالي 8807 حالة ٦٨١٦ حالة عنف جسدي ١٣٨٤ حالة عنف جنسي، 321 اهمال، 286 عنف نفسي.
في حين، أكدت نتائج مسح السكان والصحة الأسرية (2017-2018)، أن 25.9 % من الزوجات اللاتي أعمارهن بين 15 الى 49 عاماً، تعرضن لعنف جسدي أو جنسي أو عاطفي من أزواجهن، وهو ما يعني تعرض امرأة من بين كل 4 نساء متزوجات تعرضت للعنف الجسدي أو الجنسي أو العاطفي في الأردن.
وعرف الإعلان العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة لعام 1993 العنف بأنه "أي فعل عنيف قائم على أساس الجنس ضد المرأة، والذي ينجم عنه أو قد ينجم عنه أذى أو معاناة جسمية أو جنسية أو نفسية للمرأة، بما في ذلك التهديد باقتراف مثل هذا الفعل أو الإكراه أو الحرمان التعسفي من الحرية”؟
"غضب ممزوج بالقهر وقلة الحيلة" هكذا بدا حال الأربعينية "لبنى" بعد أن اعتادت على تلقي الضربات في أنحاء متفرقة من جسدها على يد زوجها، كيف لا ؟وقد أصبح التعذيب النفسي والجسدي أمر لا بد منها مقترن بعودة زوجها من العمل.
"لبنى" بدأت تعزل نفسها عن أولادها وبناتها ،الصراخ الدائم أصبح صفة مقترنة بها ،لم تعد الإبتسامة ترتسم على شفتيها، وكأن السعادة غابت عن حياتها للأبد.
وأفاد خبراء في علم الإجتماع بأن "العنف لا يولد الإ عنفا" ،فتعرض المرأة المتكرر للعنف يترجم على عدة أشكال كالأمراض النفسية، والتي قد تصل إلى الإكتئاب أو إيذاء الأبناء كرد فعل على الإيذاء الذي تتعرض له.
وأشاروا إلى أن تبرير ضرب المرأة، وعدم طلب المساعدة عند التعرض للعنف يعتبر من أكبر التحديات التي تواجه الأردن في مجال القضاء على العنف ضد المرأة.
وطالبوا بضرورة بلورة استراتيجية حقيقية، تحد من جرائم العنف ضد المرأة، وتنفيذ خطط عمل وطنية متعددة القطاعات.
يذكر أن الأردن حاول جاهدا لحماية المرأة من التعنيف، فمؤخرا قام بتعديل منظومة من التشريعات الخاصة بالحد من كافة اشكال العنف، وأهمها إضافة الفقرة السادسة من المادة السادسة في الدستور الأردني التي تنص على ” تكفل الدولة تمكين المرأة ودعمها للقيام بدور فاعل في بناء المجتمع بما يضمن تكافؤ الفرص على أساس العدل والانصاف وحمايتها من جميع أشكال العنف والتمييز”.