تشكّل التعديلات المقترحة على قانون الضمان الاجتماعي امتحاناً عسيراً للنواب، فهذه أقسى تعديلات تتقدّم بها مؤسسة الضمان على القانون منذ أن أُنشِىء الضمان سنة 1978، وتمسّ شرائح عريضة من الناس، لا بل إنها جراحة خطيرة سيكون لها آثارها ومضاعفاتها التي لا تحمد عقباها أبداً..!
تحدث مدير عام الضمان عن بعض التعديلات وحاول الإيحاء للرأي العام بأنها تصب في صالح الناس، وأنها تستهدف تعزيز الحماية الاجتماعية واستدامة النظام التأميني، في حين أن القراءة المتفحّصة لبعض التعديلات تكشف أنها توجّه ضربة قاصمة أوربما قاضية للحماية الاجتماعية، ومن هنا فإن مجلس النواب سيكون على المحكّ، وفي مواجهة ليست سهلة لتعديلات تهدد مستقبل الأجيال، وقد تقود إلى انفجارات اجتماعية بين مختلف الفئات.
أما التبريرات التي يسوقها مدير الضمان لهكذا تعديلات، فلا تقنع أحداً، لا سيما وأنه يزعم بأن الوضع المالي لمؤسسة الضمان في أحسن حالاته، فإذا كان فعلاً كذلك فلماذا إذن يدفع بتعديلات هي الأخطر وتحمل في طياتها بذور قنابل اجتماعية ستنفجر لا محالة في قادم الأيام والسنوات..؟
وإنني بعين القارئ والمحلل والمهتم والخبير، أرى أن ما أفصحت عنه مؤسسة الضمان ممثلة بمديرها العام من تعديلات تشكّل ردة عكسية عن مفهوم الحماية الاجتماعية، لا بل وخرق واضح وصارخ لأرضيتها، الأمر الذي يحمل معه بوادر ثورة اجتماعية شاملة في المجتمع رافضة لهذا الاعتداء الصارخ على حقوق المواطن، فهل تعي مراجع الدولة خطورة المشروع الذي يتقدم به مدير عام الضمان، والذي يهدد الأمن الاجتماعي للمواطن، ما سينعكس سلباً على أمننا الاقتصادي والسياسي والمعيشي..؟!
وبالنسبة للحكومة، فإنني أدعو رئيسها وكل عضو فيها إلى رد مشروع التعديلات الذي تقدّم به مدير الضمان ودعوته إلى جلسة مناقشة شديدة للوقوف على آثار كل التعديلات المقترحة من قبله، وأسبابها الموجبة، والوقوف أيضاً على حقيقة الوضع المالي لمؤسسة الضمان، ومساءلة المدير عن كل الأرقام والمؤشرات التي صرّح بها، وعن أوجه الاختلاف والتفاوت الملحوظ وربما التناقض في تصريحاته، وما أثر سياساته على المؤسسة، ولا سيما السياسات التأمينية وسياسات الإنفاق والسياسات الإدارية وجل الشأن الداخلي المتراكم وغير الصحي منذ أن حلّ بمنصبه قبل أربع سنوات..!
النواب والحكومة على المحك الآن في مواجهة أخطر تعديلات على قانون الضمان، وفي مواجهة أخطر مدير عام في تاريخ مؤسسة الضمان يجرؤ على تقديم تعديلات دون أن يعي أنها ستقود حتماً انفجار اجتماعي كبير غير محمود العواقب، وهو مَنْ يجب مساءلته عن كل ما حصل وعن كل دينار تم إنفاقه من أموال الضمان دون وجه حق، وعن كل إجراء وقرار إداري في المؤسسة لم يكن صحيحاً أو مناسباً..!
أيها النواب أيتها الحكومة.. أربع سنوات مرّت على تقلد مدير الضمان الحالي لمنصبه، ومن ضمنها سنتان كورونا، وها هو يدفع بالتعديل الثاني الأكبر على قانون الضمان، وهذا مما لا يمكن قبوله تحت أي ظرف، وعليكم أن تسألوه لماذا التعديل الثاني بعد فترة قصيرة جداً على التعديل الأول، وهل قانون الضمان الذي يهم كل شرائح المجتمع والأسر الأردنية يتم التعامل معه بهذه السهولة واللامبالاة دون أخذ رأي الناس والخبراء والمهتمين و العمال والموظفين..؟
إنها أيها السادة مغامرة غير محسوبة يخوضها مدير الضمان، وهي التي ستنزع الثقة تماماً ونهائياً بالقانون ومؤسسات الدولة كلها في حال تم مجاراته في مغامرته وإقرار التعديلات التي تقدّم بها، وإنكم تتعاملون مع قانون حسّاس، وما لم تحسنوا التعامل معه، فإن النتيجة ستكون مؤلمة، وإني لكم ناصح أمين وأقول أوقفوا مدير الضمان عند حدّه، فالحال لا يحتمل المزيد من المغامرات والتهوّر..!!!