منذ بدء جائحة كورونا وجلالة الملك عبد الله الثاني يؤكد على ضرورة التعاون الاقليمي والعالمي المشترك بل وأكد أيضا خلال مشاركة جلالته في حوار" بورلوغ" - تشرين الثاني 2020 -على " أن التعاون أساس العمل الاقليمي والعالمي"، إذ إنه لا يمكن مواجهة - الجائحة - الا بتكاتف وتعاون دولي ولن تستطيع - أي دولة - منفردة مواجهة " جائحة " تجتاح العالم ، وليس دولة او اقليما بعينه ..واليوم عطّلت الحرب الدائرة على الاراضي الاوكرانية خطط التعافي الاقتصادي في العالم الذي بات يواجه " جائحة " من الواضح ان تداعياتها على جميع اقتصادات العالم ستكون أكثر صعوبة من تداعيات جائحة كورونا ، فكيف اذا اجتمعت الجائحتان..حيث الحرب في اوكرانيا مستمرة - وقد أكد " الكرملين "بالامس ان الحرب ستكون طويلة المدى - ،كما أن الاغلاقات في الصين مستمرة بسبب عودة ظهور اصابات جديدة بـ" كورونا".
العالم اليوم يواجه مآسي تهدد الامن الغذائي وأمن الطاقة وتعطل سلاسل التوريد ، وارتفاعا قياسيا وتاريخيا في معدلات التضخم، وتواصل ارتفاع نسب البطالة في العالم ..وما دامت الحرب في اوكرانيا مستمرة ،وما دام التوتر الاقليمي والعالمي جراء التصعيد في شرق آسيا مستمرا سواء بين الكوريتين الشمالية والجنوبية او بين الاهم والاكثر خطورة بين الصين وتايوان ..عداك عن تصاعد التوتر الاقليمي جراء تطورات الملف النووي الايراني .. فان مواجهة كل تلك الاخطار والتطورات لا يمكن ان تكون الا بتكتلات سياسية اقتصادية اقليمية وعالمية.
اوروبا بكل امكانياتها الاقتصادية تواجه خسائر تجاوزت مئات المليارات يورو بعد قرابة 120 يوما فقط على بدء الحرب في اوكرانيا فكيف سيكون عليه الحال بعد شهور وربما سنوات اذا امتدت الحرب ؟... الولايات المتحدة الامريكية تواجه نسب تضخم تاريخية لم تمر بها منذ نحو 40 عاما ويوالي البنك الفيدرالي الامريكي رفع نسب الفائدة المرة تلو الاخرى دون جدوى.
بريطانيا بالامس شهدت اكبر اضراب لعمال السكك الحديدية هو الاكبر منذ 33 عاما بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة ..وهلّم جرّا.
من هنا ندرك اهمية وضرورة العمل على ايجاد تحالفات سياسية اقتصادية لمواجهة الاخطار الاقليمية والعالمية.
ومن هنا ندرك أهمية محور( الاردن ومصر والعراق ) للتكامل الاقتصادي وبمشاريبع اقليمية مشتركة ، وأهمية محور( الاردن - الامارات - ومصر ) للتكامل الصناعي ، ومن المتوقع قريبا انضمام البحرين ، وربما سيكون هناك محور( 6+3) والذي يضم دول مجلس التعاون الخليجي وكلا من ( الاردن ومصر والعراق ) لمواجهة التحديات السياسية في المنطقة وفي مقدمتها :( القضية الفلسطينية - والملف الايراني - ومكافحة الارهاب) والتحديات الاقتصادية وفي مقدمتها :(الامن الغذائي وأمن الطاقة ومواجهة ارتفاع الاسعار العالمية) ..وهذا لا يكون الا بزيادة المشاريع الاستثمارية المشتركة بين دول هذا التكتل الجديد ،تلك المشاريع الكبيرة القادرة على تحقيق "الرؤى الاقتصادية "لكل دولة في الاقليم ،و رفع معدلات نمو قادرة على خلق وظائف جديدة تساهم بالحد من تزايد البطالة وقادرة على مواجهة تحديات نقص الغذاء والطاقة والمياه وتحديات المناخ.
القادم لن يكون افضل الا بتحالفات سياسية اقتصادية " تكاملية "، والدول التسع "متكاملة " تعد قوة اقليمية عالمية بالعدد السكاني البشري والسوق الاستهلاكية وبالطاقة والثروة المعدنية والزراعة والغذاء.. وغير ذلك.
"التحالف الاقتصادي السياسي" قادرعلى جذب استثمارات عالمية تزيد من حجم الاستثمارات في المنطقة خصوصا وان المشاريع الكبرى المطروحة من دول المنطقة جاذبة للاستثمار سواء في مشاريع " نيوم " أو " المنطقة الاقتصادية " أو مشاريع سكك الحديد أو الربط الكهربائي ومشاريع الغاز والتوسع في انتاج الاسمدة والمعادن والزراعة والتصنيع الغذائي ..علاوة على التعاون والتكامل في الصناعات الدوائية والصحية وحتى الكيميائية التي راجت ونشطت خلال جائحة كورونا.
فهل نشهد قريبا جدا تكاملا اقتصاديا ذا ثقل اقليمي عالمي قادر على مواجهة تحديات المستقبل العالمية والاقليمية ؟.. هذا ما نأمله .