بدأ مجلس النواب مناقشة معدل قانون
العقوبات لسنة ٢٠٢٢ و لعل العنوان الأبرز لهذه التعديلات "رفع الحماية
الجزائية عن الشيكات "و عند العودة لبيانات البنك المركزي الأردني حيث بلغت
قيمة الشيكات المتداولة في العام الماضي ٣٨ مليار دينار و نسبة الشيكات المرتجعة
منها ٣،٢٪ أي ما قيمته ١،٢ مليار دينار .
و بالنظر لارقام و قيم الشيكات نجد ان
هناك اعتماد كبير على الشيكات في التعاملات المالية بين جميع القطاعات التجارية
والصناعية و الزراعية و الخدمية وبين المواطنين انفسهم وذلك بسبب شح السيولة و
صعوبة الاقتراض و عدم توفر السيولة النقدية عند أصحاب المشاريع المتوسطة والصغيرة
لتأمين التزاماتهم من اثمان البضائع والكلف التشغيلية الأخرى المطلوبة منهم
لاستمرار أعمالهم .
ان نسبة الشيكات المرتجعة في
الأردن هي نسبة مقبولة عالمياً ولا تشكل
خطورة وتعطي دلالات على ان تداول الشيكات يتم بحذر شديد وذلك بسبب إجراءات البنك المركزي بخصوص صرف دفاتر الشيكات
ومتابعة الشيكات المرتجعة و فرض غرامات على إعادة الشيكات وإعطاء فترة زمنية
لتسوية الشيكات المعادة وغيرها من الإجراءات التي حدت من الشيكات المرتجعة.
ان أي تعديلات من شأنها زعزعة الثقة
بالشيكات و عدم وجود عقوبات بديلة في حال الغاء عقوبة الحبس عمن يقوم بإصدار شيك
بدون رصيد ستؤدي الى خلق حالة من الفوضى و التخبط و ستعمل على خلق مزيداً من
التحديات الاقتصادية و الاجتماعية و الدخول في أزمات مالية لمعظم أصحاب المنشآت
الذين سيجدوا صعوبة قبول شيكاتهم و تأمين بضائعهم و بالتالي اغلاق منشئاتهم و
تقليص أعمالهم وهذا سيخلق مزيداً من البطالة والركود و الانكماش الاقتصادي.
ومن هنا نتطلع من مجلس النواب ولجنته
القانونية على وجه الخصوص التريث و فتح حوار شامل مع القطاعات الاقتصادية وأخذ وجهة النظر لجميع الأطراف قبل اجراء
تعديلات ستأثر على مسار اقتصادنا وعلى الاستثمارات القائمة وسيكون لها نتائج
اقتصادية صعبة على العديد من القطاعات و الافراد .
المتعثر هو نتاج سياسات اقتصادية خاطئة
اثقلت ديون الدولة اولاً ومن ثم زادت من ديون الافراد و الموسسات ، والحكومات
المتعاقبة هي المسؤولة عن وجود عشرات الالاف من المواطنين المطلوبين على قضايا
مالية ،و علاج هذه المشاكل المزمنة ليس برفع الحماية الجزائية عن الشيكات و ضياع
الحقوق بين الناس وانما في إيجاد حلول للتحديات التي تواجه اقتصادنا
الوطني و تحسين بيئة الاعمال وتعديل القوانين التي ساهمت في تعثر العديد من
المشاريع وجعلت من أصحابها مطلوبين على قضايا مالية .
الشيكات جزء مهم في اقتصادنا الوطني و
يجب علينا العمل لتبقى وسيلة آمنة يثق بها
الجميع بعيداً عن الشعبويات و القواعد الانتخابية .
منير دية
خبير اقتصادي