2024-11-26 - الثلاثاء
00:00:00

آراء و مقالات

لوطننا قائد.. مؤتمَن على الأمل سحر العبارة وثقل الأمانة

{clean_title}
صوت عمان :  

بقلم الدكتورة: جمانة مفيد السالم

تعلّمت وعَلّمت وأنا أخوض غمار دراسة الأدب أن أبحث فيما أقرأ عما يبعث في النفس دهشة، أو يثير الإحساس بالجمال، ‏وقد اعتراني هذا الشعور، وتملّكني ذلك الإحساس، حين قرأت عبارات التهنئة التي اختارتها جلالة الملكة رانيا العبدالله حفظها الله ‏لتهنئة قائد البلاد المفدى جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في عيد ميلاده الستين، وازداد عمق تلك المشاعر في نفسي حين ‏استمعت إليها بصوتها الدافئ، مرافقا للفيديو الذي نشرته بهذه المناسبة‎.‎

في كلّ عبارة منها تجلّت حكاية عشق ممتدة في جبال الأردن، وسهوله، ووديانه، متجذّرة في أرضه، بالغة عنان سمائه، ‏تحرس حدوده، وتزيّن روابيه، وتنغرس في نفوس أهله، لتنبعث على صورة نبضات حب صادق، ومشاعر فخر فيّاضة‎.‎

عبارات قصيرة موجزة، خبأت الكثير الكثير من المعاني، أرسلتها أم الحسين لجلالة الملك متحدثة بألسنة شعبه ورعيّته، ‏بدلالة ضمير الجمع، معبّرة عمّا في قلوبهم تجاه ملك أب قائد: " لوطننا ملك... نكلّل رؤوسنا به،... لوطننا أب،... لوطننا ‏قائد...، نحن ملء قلبه ورسم عينيه"‏‎.‎

عبارات لا تنماز إحداها عن الأخرى جمالا وعمقا، وتأثيرا في النفوس، تعلق في الأذهان، وتتراءى فيها ومن حولها صور ‏جميلة، وأمثلة متكررة، وأدلة حية، ومواقف شتى، تشهد أنّ جلالته " في عباءته دفء وأمان، وفي ابتسامته فرحة لقاء"، ‏وتؤكد أنه: " ابن بارّ بأهله، مكرّم بالدعاء، محاط بالرضا"، وتثبت على الدوام أنه: " وصيّ أمين، وجندي لا يهاب، كريم ‏بخُلقه‎".‎

لكن عبارة من بينها استطاعت أن تتغلغل في أعماقي، محدِثة تلك الدهشة التي أتحرّاها دائما، إنها عبارة: " مؤتمَن على ‏الأمل"؛ فما أوسعها فسحة الأمل التي يمنحها جلالته لأبنائه ولمن يلوذ به! وما أُحيلاه ذلك الأمل الذي يتحقق على يديه! وما ‏أعظمها تلك الأمانة التي يؤديها جلالته وهو يرعى حقوق شعبه وأمته ومصالحهم، بل يسعى في تحقيق المزيد من الآمال ‏والطموحات لهم! محقّقا نذر والده الحسين القائل رحمه الله: " قد نذرت عبد الله لأسرته الكبيرة، ووهبت حياته لأمته المجيدة‎".‎

تفيض مشاعر أم الحسين بهذه العبارات الرقيقة الراقية في وقت كنت أستحضر فيه قول النبي عليه أفضل الصلاة ‏والسلام: " كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيّته"؛ لأسباب تتعلق بما رافق الحالة الجوية الأخيرة من مظاهر وما لحقها من تبعات، ‏متأمّلة ما يحمله هذا القول من معان ودلالات عميقة، تتجاوز في حديث من أوتي جوامع الكلم، صلوات الله وسلامه عليه، حدود ‏الإمام الراعي لرعيته، والرجل الراعي لبيته، والمرأة الراعية في بيت زوجها، والخادم الراعي في مال سيده؛ إلى دلالة جليّة على ‏ارتباط الأمر ارتباطا وثيقا بالمسؤولية الفرديّة، والجماعيّة، والمجتمعيّة، التي يُفترض أن يتولاها كل فرد في هذا الوطن الكبير، ‏وكل جماعة، وكل مؤسسة؛ لعلنا نردّ بذلك بعض الجميل لوطننا الغالي، ولمليكه المؤتمن على آمالنا‎.‎

وقد حمّلتنا كلمات جلالتها في السياق نفسه مسؤولية كبيرة في هذا الإطار، بقولها: " للأردن ملك قلبه وسْع الوطن، ‏وعليه قلب الوطن"؛ فحتى تكون قلوبنا على مليكنا الذي يسعُنا قلبه نحتاج أن نقف وقفة صادقة مع أنفسنا، في وقت أتاحت فيه ‏مساحة البياض الجميلة الواسعة التي اجتاحتنا مؤخرًا أن نراجع حساباتنا، ونحدد مواقفنا؛ فنتوقف عن التربّص بالأخطاء، وعن ‏بث مشاعر انعدام الثقة، وعن جلد الذات، وعن النقد الجارح، وعن استعجال الحكم على الأمور، منصرفين عن الأنانية المفرطة، ‏وانعدام الإحساس بالمسؤولية المجتمعية، والتنمّر اللفظي والمعنوي والمادي بأشكاله مختلفة، إلى العمل الجاد المخلص الطموح، ‏ساعين لترك بصمة إيجابية في نفس أبي الحسين المؤتمن دومًا على آمالنا بإذن الله، مندفعين بكلّ حب لتقديم أقلّ الواجب تجاه ‏أردننا الغالي، وهو يخطو خطواته الأولى في مئويته الثانية، بدعم جلالته أمدّ الله عمره في طاعته ورضاه، وأعانه على حمل ‏الأمانة الثقيلة الغالية تجاه شعبه وأمّته.‏‎ ‎