مع الارتفاع غير المسبوق الذي تشهده أسعار الذهب في الأردن، والتي وصلت إلى مستويات قياسية تُسجَّل لأول مرة في تاريخ السوق المحلي باتت كلفة الزواج عبئًا ثقيلًا على الشباب الأردني.
ازدياد أسعار "المهر" وهو المطلوب في عقود الزواج، أخذ الكثير من الشباب يعيدون التفكير في الإقدام على هذه الخطوة الأمر الذي
جعل الكثيرون من الشباب يفكرون باستبدال الذهب بالفضة، أو جعل ذهب عيار 14 هو الأكثر تداولًا، خاصة أن سعره لا يزال ضمن المعقول
الخبير الاقتصادي منير دية، قال إن ارتفاع أسعار الذهب يقابله ارتفاع أسعار الفضة، بشكل متفاوت منوهًا أن ارتفاعات الذهب هي الأكبر بعكس المعادن الثمينة الأخرى التي تتأثر بالاقتصاد العالمي.
وبين أن أسعار الذهب تشكل تحديا أمام الشباب الأردني وستؤدي إلى عزوفهم عن الزواج متوقعا وصول سعر بيع غرام الذهب إلى 100 دينار خلال الفترة المقبلة، مما يجعل المجتمع يبحث عن للذهب في المناسبات.
وأكد دية خلال حديثه لـ"الدار" أن أسعار الذهب ستواصل الارتفاع في ظل وجود الأسباب التي تسمح لها بالارتفاع ومنها أوضاع الاقتصاد الأمريكي والحرب الروسية الأوكرانية والأوضاع في الشرق الأوسط مشيرا إلى أن هذه الأسباب تنذر بارتفاعات قادمة غير مسبوقة.
ونوه أن الطلب على الذهب حاليا من أجل الزينة والمناسبات ضعيف جدا مشيرا إلى أن شراء الذهب حاليا فقط من أجل الاستثمار أو كملاذ آمن للمستثمرين.
أما الخبيرة الاجتماعية سنا السالم، ترى أن ارتفاع أسعار الذهب يؤثر بشكل مباشر على الزواج في الأردن، بسبب العبء المادي على الشباب الأردني وأسرهم ، مشيرا إلى أن الذهب جزء أساسي من متطلبات الزواج ومع غلاؤه يرتفع سقف التكاليف، وهذا يؤدي إلى إحباط رغبة الشباب في الزواج.
وأكدت السالم خلال حديثها لـ "الدار" أن عزوف الشباب عن الزواج، لا يرتبط فقط بارتفاع أسعار الذهب وحده، بل يعود لمنظومة كاملة من الظروف الاقتصادية كغلاء المعيشة والبطالة وارتفاع تكاليف السكن والحياة اليومية.
وأوضحت أن الذهب قد يكون "رمز" يختصر كل هذه الأعباء لذلك يتم التركيز عليه في النقاش العام لكن في الحقيقة، الحل لا يقتصر على تخفيض ثمن الذهب وإنما في إعادة النظر بعاداتنا وتوقعاتنا من الزواج والتوجه نحو التبسيط والتخفيف، حتى نسهّل على الشباب خطوة تكوين أسرة.
وبينت: "الذهب في ثقافتنا ليس مظهرا ماديا فقط، بل هو رمز للتقدير والأمان عند كثير من العائلات لذلك من الصعب الاستغناء عنه تمامًا لكن في ظل الارتفاع الكبير بالأسعار"
ودعت السالم ضرورة وجود وعي عند بعض الأسر، والتخفيف أو الاستعاضة ببدائل رمزية مثل كمية بسيطة من الذهب أو هدية أخرى تحمل قيمة معنوية.
ونوهت إلى عدم الابتعاد عن الهدف الأساسي من الزواج وهو بناء أسرة مستقرة، وليس إثقال الشباب بتكاليف تثقلهم من البداية.
من جانبه، أوضح مفتي عمان الغربية فضيلة الشيخ تيسير أبو حيدر، أن المهر في الإسلام لا يشترط أن يكون ذهبًا بعينه، بل يجوز أن يكون أي شيء ذي قيمة مادية يتفق عليه الطرفان.
وأكد في حديثه لـ”الدار”، أنه لا حرج شرعًا بالاكتفاء بخاتم بسيط أو مبلغ نقدي بديل عن الذهب، مبينًا أن فرض الذهب كشرط من قبل العائلات يدخل في إطار العرف لا التكليف الشرعي .
وأضاف أبو حيدر أن الشريعة الإسلامية تحث على التيسير في الزواج، مستشهدًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه)، لما فيه من إعانة على بدء الحياة الزوجية بعيدًا عن الديون والأعباء.
وأشار إلى أن مهر السيدة فاطمة رضي الله عنها كان ما يعادل 120 غرام من الفضة، وأن كثيرًا من الصحابة كانوا يزوجون بناتهم بمهور بسيطة، ما يؤكد أن الأصل في الزواج هو اليسر لا التعقيد.
ودعا أبو حيدر الأهالي إلى التخفيف من المظاهر والتكاليف التي لا تغني ولا تسمن من جوع، والتركيز على بناء أسر مستقرة قائمة على المودة والرحمة لا على المغالاة في الذهب والمظاهر.