تحريض البعض على النزول إلى الحدود ليس سوى محاولة للاستقواء على الدولة واستعلاءً على مؤسساتها، وتوتيراً للمشهد العام. فلمصلحة من هذا الصدام؟ ومن المستفيد من زعزعة استقرار الأردن في هذا التوقيت بالذات؟
لقد تحولت بعض الفعاليات السياسية من إضراب عام إلى دعوات للاصطدام بالحدود، وكأن الأمر لم يعد سوى مسرح للتمثيل السياسي. لكن الحقيقة أن مسؤولية الحرب والسلام تقع على عاتق الدولة وحدها، وليست حكراً على فصائل أو جماعات تتصرف وكأنها تملك زمام الأمور.
التوقيت الحالي يحمل في طياته مخاطر جسيمة، فهو محاولة لخلق فتنة جديدة تمس أمن الأردن واستقراره، خاصة في وقت يتسم بتلاحم الموقف الشعبي والرسمي. وبدلاً من تمتين الصف الداخلي، نجد بعض الأصوات تدعو إلى التناحر والفوضى، وكأنها تنتظر الخراب بفارغ الصبر.
لا يمكن تجاهل محاولات استغلال هذا الموقف لخدمة أجندات خارجية، خاصة مع وجود دعم غير مسبوق للكيان الصهيوني، وتخاذل دولي واضح. أي تصعيد الآن سيمنح العدو فرصة ذهبية لفرض وقائع جديدة على حساب الأردن، وهذا بالضبط ما يريده أعداؤنا. والأسوأ من ذلك هو وجود من يقدم مصالح الخارج على حساب الوطن، وكأننا لم نتعلم من دروس الماضي.
ويجب أن نؤكد هنا على ضرورة محاسبة كل من يعرّض سلامة المواطنين للخطر، سواء كان ذلك من خلال التحريض المباشر أو الدعوات المشبوهة. فحماية الأرواح والممتلكات مسؤولية الجميع، والقانون يجب أن يطبق بكل حزم على كل من يسعى لزعزعة الأمن أو تعريض حياة الناس للخطر. ليس هناك مجال للتساهل مع من يلعب بمقدرات الوطن وأمن مواطنيه.
النزول إلى الحدود غداً ليس فقط تصرفاً غير قانوني، بل هو مخاطرة غير محسوبة. فمن يخالف القانون ويُعتقل لن يصبح بطلاً، بل سيكون مجرد أداة في لعبة أكبر. والأهم الآن هو الحفاظ على الوطن وعدم التنازل عن استقراره لحظة واحدة.
الأردن القوي هو داعم أساسي لفلسطين وأهل غزة، ولن نسمح لأحد أن يُضعف هذا الموقف. فلنكن أوفياء لبلدنا، ولنحمِ استقراره كما نحمي كرامتنا. فوعي الشعب هو حائط الصد الأول ضد كل المخططات المشبوهة.