بحسب آخر تقرير لبنك ( جولدمان ساكس- Goldman Sachs ) منذ يومين فإن انتعاشا قويا للطلب العالمي على النفط قد يدفع أسعار خام برنت القياسي العالمي لتتجاوز توقعاته لنهاية العام البالغة 90 دولارا للبرميل.. وتوقع البنك أن يصل الطلب على النفط قريبا إلى مستويات ما قبل جائحة كورونا عند حوالي 100 مليون برميل يوميا مع تعافي الاستهلاك في آسيا بعد موجة السلالة المتحورة دلتا.
أسباب ارتفاع النفط عالميا سبق وأن تناولته في مقال سابق منذ اسابيع وأعود لألخصه في النقاط التالية :
- تسابق الاقتصادات العالمية نحو التعافي الاقتصادي زاد من الطلب في ظل قلة العرض بعد ضعف سلاسل التوريد والامدادات طوال ازمة كورونا التي أضرت كثيرا بجميع الاقتصادات .
- يأتي ارتفاع الاسعار في ظل أزمة غاز خانقة تعاني منها القارة الاوروبية تحديدا مع دخول فصل الشتاء الامر الذي أدى للتحول من الغاز إلى النفط الامر الذي قد يضيف ما لا يقل عن مليون برميل يوميا إلى الطلب على الخام - بحسب خبراء .
- هناك مخاوف من نقص إمدادات الفحم والغاز في الصين والهند وأوروبا، الامر الذي يشجع على التحول إلى الديزل وزيت الوقود لتشغيل محطات توليد الكهرباء.
- زيادة الطلب وقلة العرض أدّيا لتراجع المخزون الاستراتيجي للنفط في معظم دول العالم ( وخصوصا الولايات المتحدة الامريكية) .
- كما حد إعصار ( إيدا ) من إمدادات النفط الأمريكية من خليج المكسيك من نهاية (آب /أغسطس) حتى معظم (أيلول /سبتمبر)، ولن تعود الإمدادات إلى طاقتها الكاملة حتى أوائل العام المقبل، حيث ستظل منصة «شركة شل» خارج الخدمة حتى نهاية عام 2021.
- يضاف الى ذلك استمرار دول ( أوبك +) في زيادة بطيئة في الإنتاج ( 400 الف برميل شهريا ) بدلا من ضخ المزيد من الخام في السوق.
اذا كل هذه الاسباب وغيرها أدت ،وستؤدي لتواصل ارتفاع اسعار النفط عالميا حتى نهاية العام الحالي ،وربما للربع الاول من العام المقبل 2022 ليبقى السؤال الكبير : ماذا نحن فاعلون ؟.
المستفيد من ارتفاع اسعار النفط هي الدول المصدرة بالتأكيد والتي ترى في ذلك فرصة لتعويض مئات المليارات من الخسائر التي تكبدتها بسبب جائحة كورونا ، اما الخاسر الاكبر فهي الدول المستوردة ومنها الاردن .
الاقتصاد الاردني لا يحتمل أبدا هذه الارتفاعات التي ستؤثر سلبا على :
- فرضيات موازنة 2021 التي لم تبن بالتأكيد على هكذا اسعار لبرميل النفط الامر الذي سينعكس سلبا على عجز الموازنة .
- معدل النمو الذي وضع أيضا بناء على فرضيات متفائلة .
- سيؤدي ذلك الى ارتفاع قيمة الفاتورة النفطية ، وسينعكس سلبا على الميزان التجاري .
- سيؤدي الى ارتفاع عام للاسعار ويزيد معدلات التضخم وسيؤثر على القوة الشرائية والاستهلاكية للمواطنين .
- سينعكس سلبا على القدرة التنافسية لكثير من الصناعات جرّاء زيادة اعباء كلف الطاقة عليها بكافة صورها ( كهرباء ومحروقات ) الذي سينعكس سلبا على الصادرات أيضا .
- سيؤثر على الاستثمارات والجدوى الاقتصادية مع ارتفاع الكلف التي ستزيد من اعبائها كلف الطاقة .
- تراجع معدلات النمو والاستثمارات سيؤدي لمزيد من البطالة وعدم القدرة على خلق فرص عمل جديدة .
- سيؤثر على خطط وبرامج أولويات ومشاريع الحكومة في سعيها من أجل التعافي الاقتصادي .
- سيؤثر على فرضيات الحكومة في اعدادها وتقديراتها لايرادات ونفقات موازنة العام المقبل 2022 ... وانعكاس كل ذلك على ( عجز الموازنة - معدلات النمو -..وبالتأكيد « المديونية « ).
كل ذلك جزء من تأثيرات ارتفاع اسعار النفط عالميا على دولة مستوردة له مثل الاردن .. فماذا نحن فاعلون؟ .. كيف يمكن أن تواجه الحكومة هذا التحدي الكبير سواء للابقاء على استقرار الاسواق والوصول بفرضيات موازنة 2021 في ما تبقى من أشهر نهاية هذا العام؟ او في مواجهة القادم للعام الجديد ، ومع دخولنا فصل الشتاء كما العالم حيث يزداد فيه الطلب على المحروقات؟
أسئلة كثيرة قد تبدو سهلة ...تنتظر إجابات صعبة !!
الدستور