هل يوجد لدى الأردن أوراق سياسية تمكنه من الدخول على خط «وقف العدوان» على الفلسطينيين ، او التوصل الى هدنة ما، ثم ما حدود الدور الأردني تجاه القضية الفلسطينية، داخل فلسطين وخارجها، ومع مختلف «الفاعلين» والمؤثرين في احداثها؟ هل تراجع هذا الدور ام تصاعد؟ كيف حدث ذلك، ولماذا؟
هذه عينة من الأسئلة التي تحتاج الى نقاش طويل، حان وقته لكن ليس هذا مكانه على الأقل، قبل الاستطراد أشير الى مسألتين (مسلمتين: أدق).
الأولى ان القضية الفلسطينية قضية أردنية وطنية في الأصل، لاعتبارات سياسية وأمنية وتاريخية ودينية، وبالتالي لا يمكن للأردن ان يستقيل من هذا «الدور» والواجب، ولا أن يتعامل معه بمنطق آخر، كما تفعل بعض الدول العربية الأخرى، أما الثانية فهي ان الأردن يرتبط بمعاهدة «سلام» مع إسرائيل، ترتب عليها استحقاقات أخرى، التزم بها الأردن حرفياً فيما لم تلتزم بها إسرائيل، ثم «تناسلت» هذه الاتفاقية فولدت مشروعات تعاون اقتصادية( مثل اتفاقية الغاز) ، وفيما كانت الحكومات تستند في الغالب الى ان «خدمة» الاشقاء في فلسطين تمر -بالضرورة- من خلال هذه المعاهدة، وهذا صحيح نسبياً، الا انّ حدود هذه «الخدمة» بدأ يتراجع بسبب تنصل إسرائيل من التزاماتها، وخاصة حيال «الوصاية» على المقدسات الدينية.
لدى الأردن أوراق سياسية يمكن ان تشكل «أدوات» ضغط على إسرائيل من جهة، وأدوات دعم للفلسطينيين من جهة أخرى (دعك من أنها تصب في صميم المصلحة الأردنية العليا)، الأولى تتعلق بالمعاهدة مع إسرائيل وما خرج عنها من اتفاقيات وتعاون مشترك على اكثر من صعيد، الثانية تتعلق بالعلاقات مع الأطراف الفلسطينية (السلطة وحماس وفتح) ومع المجتمع الفلسطيني (عرب الداخل)، ووثيقة الوصاية التي تم توقيعها عام ???? من قبل جلالة الملك والرئيس عباس، الورقة الثالثة العلاقة الأردنية مع الحليف الأمريكي تحديداً، ومع معظم الدول الغربية المعنية بالصراع العربي الفلسطيني، الورقة الرابعة علاقة الأردن مع بعض الدول العربية (مصر مثلاً) والإقليمية (تركيا مثلاً) المهتمة بالقضية الفلسطينية، الورقة الخامسة هي الورقة الإنسانية واللوجستية التي تشكل «عصب» الدعم الأردني للفلسطينيين سواء في غزة او في الضفة، اما الأخيرة فهي الورقة الشعبية، وهذه ليست لديها حدود كما عكستها احداث الايام الأخيرة.
في اطار الاضطرارات والخيارات لا أعرف -بالضبط- حدود «الدور» الأردني الذي تم استخدامه استناداً الى هذه الأوراق المهمة، ما اعرفه ان السياسة الأردنية في السنوات الماضية تحركت في أكثر من اتجاه، احدها «حصار» صفقة القرن ومحاولة عرقلتها وتقليص خسائرها، الثانية بناء «سردية» عربية بديلة لمبادرة السلام العربي (بيروت ????) تقوم على أساس حل الدولتين، الثالثة إيجاد توافق دولي واقليمي لصيانة الوصاية على المقدسات الدينية والدور الأردني في القدس، الرابعة ادامة الزخم الدولي حول قضية «اللاجئين» وتمكين «الأونروا» من الاستمرار في القيام بدورها.
مقابل ذلك، يمكن ان نسأل عن إمكانية حركة السياسة الأردنية باتجاه اتفاقية وادي عربة ( المطالب النيابية بسحب السفراء مثلا ) او التطبيع مع «حماس»، كطرف مهم ومرشح كبديل سياسي في معادلة الصراع مع إسرائيل، وباتجاه «تعميق» العلاقة مع الداخل الفلسطيني (عرب 48)، هذه الحركة السياسية يمكن التدقيق فيها مجدداً ومراجعة حساباتها، خاصة ان معادلة الصراع بعد «سيف الأقصى»، ستشهد تحولات عميقة ومؤثرة، ليس داخل فلسطين فقط، وانما في المنطقة العربية ايضاً.