يمكن أن نؤشر هنا أبرز ما يحدد واقع تعليم الإعلام في الوطن العربي عبر التأكيد على ضرورة إعادة النظر بالمناهج جوهرياً حيث أمست هناك حاجة ماسة إلى تجديدها مثلما هناك حاجة إلى إعادة تأهيل بعض المدرسين وإكسابهم مهارات الاتصال والتواصل الفعال مع الطلبة لاسيما وقد بات واضحاً ضرورة أن يعاد النظر بصلاحية عدد من المدرسين لاسيما الذين يفتقدون لأبسط الأسس التي تؤهلهم للتدريس في الجامعات فعلى سبيل المثال لا الحصر كيف يمكن تدريس الخبر أو المقالة والمدرس لم يكتب خبراً أو مقالاً.. والأمثلة كثيرة على غالبية المواد التي يدرسها مدرسين في البكالوريوس والماجستير في علوم الاتصال.
ومفيد هنا التذكير بشكل مهم وهو حاجة المدرسين في جامعات العالم إلى مهارات اتصالية ومعايير شخصية فليس كل من يحصل على الشهادات العليا يصلح للتدريس الجامعي كذلك ليس من الصواب أن تكون الجامعات حلاً للعاطلين بل أن التعليم والتدريس بكل مراحله يحتاج إلى مواصفات وخصائص وسمات تكاد تصل إلى درجة الصالحين المصلحين في أي مجتمع وأشير هنا إلى صواب ودقة التي اعتمدتها بعض القوانين والتشريعات في عدد من الدول العربية ومنها بشكل مميز قانون التعليم العالي للعام 2018 في الأردن حيث وردت فيه معايير عالية الجودة لو طبقت جميعها أو بعض منها ستكون في تقديم مستوى جيد من التعليم.
رغم الجهود الكببرة التي تقوم الجهات الرسمية في عدد من الدول العربية لرفع سوية التعليم بشكل عام والإعلام على وجه التحديد نلاحظ أن ما يدرسه الطلبة شيء وما تحتاجه ويعمل به سوق العمل شيء مختلف تماماً وهذا لا يعني بالضرورة صواب أو جودة ما موجود من ممارسات في سوق العمل قياساً بما يتم تدريسه للطلبة في كليات الإعلام وأقسامه.. ولا يختلف اثنان من وجود فجوة في الإحساس بالمسؤولية بين الاثنين سببها الأول غياب واختلاف الرؤيا بين الطرفين سيما إذا ما علمنا أن من يحكم على جودة خريجي الإعلام من عدمه هم من يسيطر على سوق العمل الإعلامي وغالبيتهم العظمى لم يدرسوا الاتصال وعلومه كالإعلام ولم يتعرفوا على وسائل الاتصال كالصحافة الورقية وصحافة الإنترنت والإذاعة والتلفزيون والإنترنت في مرحلة الدراسة الجامعية.
وحول جاهزية الخريجين وسوق العمل، فإنه من الواضح أن المشكلة ليست في الخريجين فقط بل في شكل ومضمون الآداء الاتصالي في المؤسسات الإعلامية فجزء لا يستهان به من عمل بعض منها بحاجة إلى إعادة نظر مثلما ندعو الجامعات إلى إعادة النظر في جوهر المناهج وأساليب وطرق التدريس فهذه المؤسسات بحاجة إلى إعادة النظر بجوهر عملها وأظن الوقت حان كي تتقارب الجامعات التي تدرس فيها علوم الاتصال مع المؤسسات التي يمكن أن تستوعب هؤلاء الخريجين للتنسيق المسبق والدائم ووضع الأسس السليمة التي تضمن توافق في الرؤيا والنتائج لإنتاج خريج اتصالي كفؤ بالمواصفات التي تلبي حاجة المؤسسات الإعلامية.
وهنا لابد الإشارة إلى أهمية التدريب والتأهيل كأحد أهم مزايا الدول التي تريد أن تركب قطار التقدم والتحضر فالتدريب نشاط مدروس يضمّ عدداً من الخطوات المنتظمة، والتي تهدف بشكل رئيسي إلى تحقيق الغايات والأهداف من خلال حشد الجهود ذات القيمة وتنمية وتطوير الجوانب المعرفيّة، والعلميّة، والمعلوماتيّة، وطرق التفكير لدى المتدرب الإعلامي، وتسعى إلى إحداث تغيير سلوكيّ إيجابيّ في جانب المهارات والقدرات للممارسة الإعلامية الناجحة وتطوير الآداء وبالتالي إحداث تغيراً إيجابياً في آلية العمل الإعلامي من خلال تغيير اتجاهاته العامة وكافة أنماطه السلوكيّة الاتصالية بشكل فاعل وكبير.