تناقلت وسائل إعلام محلية وعربية خبراً مجزوءاً منسوباً الى مديرة منظمة أوكسفام البريطانية العاملة في الأردن نيفديتا مونغا، بأن أغنى شخصين في الأردن يمتلكان ثروة تفوق ما يملكه أربعة ملايين أردني، فيما بلغت ثروة 53 أسرة أردنية أكثر من 50 مليون دولار لكل منها.
وفي الوقت ذاته طالبت أوكسفام بإيجاد نظام ضريبي عادل يحتّم على جميع الأردنيين دفع الضريبة بمسؤولية بحيث لا تقع الأعباء الضريبية على الفقراء وحدهم، واعتمد الاقتباس على تقرير للمنظمة تحت عنوان «اللامساواة تقتل»، والذي لم نجد فيه أي إشارة لقصة المليارديرين أو الخمسين عائلة، مع التصديق بوجودهم، ولا الدعوة لنظام ضريبي جديد، بل قالت بالحرف «من الضروري أن يدفع الأشخاص الأكثر ثراءً نصيبهم العادل لدعم الحد من اللامساواة والتعافي من الأزمة»، فهل يخبرنا أحد أين الحقيقة؟
في المقابل أطلقت المديرة التنفيذية لمنظمة أوكسفام «غابيرييلا بوشيه» صرخات مؤلمة لحال الفقراء والمشردين والمسحوقين في العالم ممن يواجهون الموت جوعا بمعدل شخص واحد كل أربع ثواني، وهي تستند في المقابل على إحصاءات المنتدى الاقتصادي ومجلة «فوربس» التي تلاحق ثروات المليارديرات حول العالم، لتدفع بإحصائية معلومة عن زيادة فاحشة في ثروات المليارديرات الأكثر شهرة، ليظهر أن الثروات المتراكمة لمجموع أصحاب المليارات منذ بداية جائحة كوفيد-19 ارتفعت بزيادة مقدارها 5 تريليونات دولار أميركي، وهو أكبر ارتفاع في ثروات أصحاب المليارات منذ بدء تدوين الاحصاءات»، لتصل إلى أعلى مستوياتها أي 13.800 مليار دولار.
الى هنا فإننا ندرك أن هناك رهطاً من الأثرياء جدا بغض النظر عن عددهم يمتلكون ما يفوق أحلام الملايين من الشعب، ولكن يجب الاستناد الى الحقائق في نقل المعلومات حتى وإن تداولتها صحيفة ما، فالجمهور لم يعد يتحمل كل هذا الضخ الذي أوصله الى حالة من الشوزفرينيا جرّاء التخبط الاقتصادي وعدم تغليب مبدأ العدالة، اما المساواة فلا يمكن أن تتحقق في عالم متضارب الطبقات، ففي الوقت الذي يؤمن الموظف العام بغض النظر عن وظيفته أو درجته براتب مستقر نهاية كل شهر، نجد أن غالبيتنا نتنفس تحت الماء في القطاع الخاص، والجميع يريد منا المشاركة في رفع مستوى المعنوية ونحن نتقافز على أقدامنا كالكنغر الاسترالي.
ولكن المعلومات الأكيدة جاءت على لسان غابرييلا بوشيه التي أطلقت صرخة عالمية بقولها: «إن جائحة كورونا كشفت صراحة عن دافع الجشع وانتهاز الفرص بالوسائل السياسية والاقتصادية التى حوّلت اللامساواة الشديدة إلى أداة للعنف الاقتصادي»، مضيفة أن «ليس ثمّة نقص فى الأموال، فقد انتهت هذه الكذبة عندما أفرجت الحكومات عن 16 تريليون دولار أميركي للاستجابة للجائحة، ولكن ما ينقص هو الشجاعة والخيال اللازمان للتحرّر من قيود النيوليبرالية المتطرفة الفاشلة والقاتلة».
من جهتها تكشف مجلة فوربس عن زيادة لثروات أغنى عشرة رجال في العالم بمقدار يزيد عن الضعف، بنحو 700 مليار دولار أميركي إلى 1.5 تريليون دولار أميركي، أي بمعدل 15 ألف دولار في الثانية أو 1.3 مليار دولار أميركي يوميا، خلال العامين الأولين من الجائحة التي شهدت انخفاض دخل 99 في المئة من البشرية ودفعت بأكثر من 160 مليون شخص آخرين إلى براثن الفقر.
فيما علقت بوشيه بقولها: «لو خسر هؤلاء الرجال العشرة 99.999 في المئة من ثرواتهم غداً، فإنهم سيظلون أغنى من 99 في المئة من جميع سكان هذا الكوكب، وبذلك تزيد الثروات التي يملكونها حاليًا بستة أضعاف عمّا يملكه أفقر 3.1 مليار إنسان».
خلاصة القول بعيدا عن السياسة، إذا لم يتم فتح الأردن للاستثمارات الخارجية واطلاق يد المحليين لمشاريع إنتاجية والإسراع في تدارك الوضع الاقتصادي والضنك الاجتماعي فإن النتيجة أننا سنبقى ندور في حلقة مفرغة، والله نسأل أن يتكاثر مليارديراتنا..
الرأي