كشفت دراسة علمية حديثة عن ضرر بالغ يُحدثه العمل الوظيفي بلا مقابل مُجزٍ، مؤكدةً أنه يؤدي إلى الإصابة بأمراض القلب.
وأوضحت الدراسة، التي نشرها موقع «ميديكال إكسبرس» الطبي، أن الوظيفة التي تتطلب جهداً وليست مجزية قد تؤثر سلباً في صحة القلب، ولاسيما لدى الرجال.
ووجدت الدراسة، التي أجريت على ما يقرب من 6500 عامل من ذوي الياقات البيضاء، أن الرجال الذين يشعرون عادة بالتوتر في العمل لديهم ما يصل إلى الضِّعف من خطر الإصابة بأمراض القلب مثل أقرانهم الذين كانوا أكثر رضا في العمل.
ولفتت إلى أنه في بعض الحالات يتخذ هذا التوتر شكل الضغط الوظيفي، ما يعني أن العمال يشعرون بالضغط من أجل الأداء، ولكن ليس لديهم سوى القليل من القوة فيما يتعلق بكيفية إنجاز عملهم.
وبينت أنه في حالات أخرى، كانت المشكلة الأساسية تتمثل في اختلال التوازن بين الجهد والمكافأة، وذلك عندما يشعر الموظفون بأن اجتهادهم لا يحقق عوائد كافية، سواء من خلال الأجر أو الترقية أو التقدير أو الشعور بالإنجاز.
وكان الرجال الذين أبلغوا عن ضغوط العمل أكثر عرضة بنسبة 50% للإصابة بأمراض القلب التاجية، مقارنة بالرجال الذين كانوا أكثر سعادة في العمل، في حين لم يكن هناك تأثير مماثل بين النساء.
وأكد الباحثون أن النتائج أثبتت أن الكثير من الأسباب تجعل التوتر في العمل، حيث يقضي البالغون الكثير من الساعات، يسهم في الإصابة بأمراض القلب.
وأوضحت ماتيلد لافين روبيشود، الباحثة الرئيسة، أن الإجهاد المزمن يمكن أن يؤثر بشكل مباشر في نظام القلب والأوعية الدموية.
وقالت روبيشود، مرشحة الدكتوراه في جامعة CHU في كيبيك: «إن الإجهاد الوظيفي وعدم التوازن بين الجهد والمكافأة يمكن أن يؤثر بشكل مباشر في القلب، من خلال إثارة استجابات جسدية، تشمل زيادة في معدل ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم وتضييق الأوعية الدموية في القلب»
وأضافت: «هذا يجعل القلب يعمل بجهد أكبر، ويمكن أن يؤدي إلى مشكلات في تدفق الدم وإيقاع القلب، ما يزيد في النهاية من خطر الإصابة بأمراض القلب».
وتابعت: «يمكن أن يتعارض هذا مع القدرة على تناول الطعام بشكل جيد وممارسة الرياضة بانتظام وإيجاد الوقت للاسترخاء».
وأشارت إلى أنه إذا كان من الصعب اتباع أسلوب حياة صحي، فإن ذلك لن يؤدي إلا إلى زيادة أي آثار مباشرة للتوتر على نظام القلب والأوعية الدموية.
وأيَّد الدكتور إدواردو سانشيز على أن الإجهاد المزمن يمكن أن يسبب مشكلات لنظام القلب والأوعية الدموية، وربما يكون ضاراً مثل السمنة أو التعرض للتدخين السلبي.
وأشار سانشيز، كبير المسؤولين الطبيين للوقاية في جمعية القلب الأمريكية، إلى أنه منذ عدة سنوات، أصدرت جمعية القلب الأمريكية إرشادات لأصحاب العمل الذين يتطلعون إلى بدء التدريب على المرونة كوسيلة لمعالجة ضغوط العمال.
وقال إن الدراسة الجديدة تضيف أدلة على أن أماكن العمل يمكن، بل وينبغي لها، أن تساعد على تعزيز صحة القلب.
وتستند النتائج إلى ما يقرب من 6500 عامل من في كيبيك بكندا الذين كانوا جزءاً من دراسة صحية طويلة الأمد. وفي البداية، عام 2000، كان جميعهم خالين من أمراض القلب، وكان متوسط أعمارهم 45 عاماً.
وعلى مدى 18 سنة، تعرَّض 571 رجلاً لمرض القلب التاجي لأول مرة، مثل نوبة قلبية أو ألم شديد في الصدر ناجم عن انسداد شرايين القلب. ومن بين النساء، عانت 265 مضاعفات القلب المماثلة.
وبشكل عام، وجد الباحثون أن خطر الإصابة بأمراض القلب في المستقبل يرتفع بالتزامن مع الإجهاد الوظيفي الذي يشعر به العمال، وكان ذلك بعد مراعاة عوامل أخرى، مثل المستوى التعليمي، والحالة الاجتماعية، وعادات التدخين، والظروف الصحية كمرض السكري وارتفاع ضغط الدم، ومع ذلك لم يظهر الارتباط إلا بين الرجال.