تقرير « الاستقرار المالي لعام 2020 « الذي أصدره البنك المركزي الاردني أمس الاول يستحق القراءة والتأمل، بل والتوقف عند أكثر من مفصل مهم .
أولها : أن هذا التقرير يتحدث عن الاستقرار المالي في « عام الكورونا 2020 « وهو يؤكد بالارقام وبما لا يدع مجالا للشك جهود البنك المركزي التي تم اتخاذها سريعا وفي وقت مبكر جدا من ظهور الجائحة ، فكان للقرارات الاستباقية والاحترازية الدورالاكبر بالاستقرار المالي ، اضافة للنقدي وبجهود شهد له فيها كل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والعديد من الجهات المالية الدولية والاقليمية .
- كلفة الاجراءات التي اتخذها البنك المركزي الاردني لمواجهة تداعيات جائحة كورونا بلغت نحو ( 2.7 مليار دينار ) وهذا رقم كبير ومؤثر نسبة لحجم الاقتصاد الاردني وقد شكل هذا الرقم نحو ( 8.6% ) من الناتج المحلي الاجمالي .
- الاجراءات التي اتخذها المركزي الاردني عديدة ومتعددة ومنها :
- ضخ سيولة إضافية للاقتصاد الوطني بقيمة 1050 مليون دينار من خلال تخفيض الاحتياطي النقدي الإلزامي على الودائع لدى البنوك من ( 7%) الى ( 5%) .
- إجراء اتفاقيات إعادة شراء مع البنوك، وتخفيض أسعار الفائدة بما مجموعه 150 نقطة أساس وبمعدل 5ر1 % .
- قيام « المركزي « بالطلب من البنوك تأجيل سداد أقساط التسهيلات الائتمانية للأفراد والشركات المتضررين من الجائحة دون فوائد تأخير أو عمولات إضافية .
- إطلاق برنامج تمويلي ميسر لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة ومساعدتها على مواجهة آثار أزمة كورونا بقيمة 700 مليون دينار.
- تخفيض أسعار الفائدة على برنامج « المركزي « لتمويل ودعم القطاعات الاقتصادية البالغ قيمته 2ر1 مليار دينار وتيسير شروطه .
هذا جانب من الاجراءات المهمة التي تم اتخاذها - بغض النظر عن نسبة وحجم الاستفادة من تلك الاجراءات - التي ربما وفي بعض الامور لم تكن بحجم الطموحات بسبب شدة الحذر والتحوط من قبل البنوك مما أدى لتشدد في منح القروض سواء للشركات او للافراد ، كما أن البرنامج التمويلي اقتصر على دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة وفقا لمفهوم « راس المال» و»عدد الموظفين «.. وليس للاكثر تضررا خلال الجائحة ولذلك لم تستفد الصحف الورقية - على سبيل المثال - من هذا التمويل خلال الجائحة بسبب اعتبارها شركات « كبيرة « رغم انها - وغيرها من الشركات التي تحسب كبيرة - الا انها كانت ولا زال كثير منها بحاجة الى برامج تمويلية تساعدها على مواجهة تبعات جائحة كورونا المستمرة .
ثانيا : انعكاس اجراءات « المركزي « على البنوك :
- وفقا لتقرير « المركزي « ايضا فقد استطاع القطاع المصرفي المحافظة على مستوى مرتفع من الاستقرار ، كما حافظت نسبة كفاية رأس المال (التي تقيس قدرة البنوك على مواجهة المخاطر) على مستواها المرتفع حيث بلغت (3ر18%) عام 2020 مقارنة مع (12 % ) الحد الأدنى المطلوب من البنك المركزي.
لن استرسل كثيرا في «التقرير» الذي يمكن الرجوع اليه ، ولكنني سأشير هنا سريعا الى دور البنك المركزي المتواصل في دعم وتعزيز مكانة القطاع المصرفي .. ومن خلال ما سيطرحه ويعلنه اليوم ( مبادرة ادخر .. لتزدهر ) والتي تهدف لتعزيز الثقافة المالية بشكل عام وثقافة الادخار على وجه الخصوص لدى كافة الافراد من مختلف الفئات العمرية ، والتشجيع على الادخار لما له من مساهمة في تعزيز المنعة المالية للافراد وتمكينهم من التخطيط المالي السليم لمستقبل آمن - كما جاء في دعوة «المركزي» .
يستطيع البنك المركزي اليوم طرح هذه المبادرة بعد النجاحات التي حققها في الاستراتيجية الوطنية للشمول المالي ( 2018- 2020) والتي حققت اهدافها بشكل اكبر من المستهدف ، وبعد النجاح بتقليص فجوة الوصول المالي بين الجنسين من 53 % إلى 29 %، وشكلت النساء ما نسبته 35 % من إجمالي عدد الأفراد المودعين لدى البنوك وما نسبته 19 % من إجمالي عدد الأفراد المقترضين من البنوك.
من هنا فان طرح مبادرة المركزي اليوم « ادخر.. لتزدهر « تتوفر فيها عناصر النجاح وبسرعة كبيرة شريطة التجاوب المحفّز من قبل جميع البنوك ( فالمبادرة لصالحها ) اضافة للدور المؤثر والمتوقع من جميع وسائل الاعلام لدعم وانجاح هذه المبادرة .