من أكثر ما تميّزت به مرحلة مواجهة جائحة كورونا، التوجه الاجباري نحو «الدفع الالكتروني» الذي يعتمد على حلول الدفع ووسائل القبول الإلكتروني الذكية التي يقدمها مجموعة من المزودين وشركات التكنولوجيا المالية، الامر الذي أتاح الفرصة أمام كثير من المستخدمين لازالة حاجز التخوّف من التعامل الآمن لتلك الاستعمالات، كما اتاح الفرصة أمام الشركات المتخصصة لاظهار امكاناتها وابداعاتها وتنوع خدماتها بما يبهر المستخدمين، ويزيد من الاقبال على هذه الخدمات. أضف الى ذلك فان الظرف (ورب ضارة نافعة) سرّع من خطط الحكومة للمضي قدما بتنفيذ سياسات - طال انتظار اكتمالها - بالتوجه نحو التوسع بالخدمات الالكترونية تماشيا مع موجبات العمل والتعامل وحتى التعليم «عن بعد».. وصولا الى الغاية المنشودة وهي «الحكومة الالكترونية».
الاردن وخلال السنوات القليلة الماضية - وبحسب كثير من التقارير المتخصصة - شهد زيادة ملحوظة واقبالا على التداولات المالية من خلال «الدفع الالكتروني» وقد ساعد على ذلك عدة عوامل - بعيدا عن ظروف جائحة كورونا – منها:
- استراتيجية البنك المركزي الأردني المتمثلة بدعم الانتقال إلى بيئة الدفع الإلكترونية بما في ذلك دعم مبادرات الدفع الحديثة المتاحة والقابلة للتطبيق تحقيقاً للرؤى والتطلعات الملكية السامية في دعم التحول نحو اقتصاد رقمي شامل ومتطور، بالإضافة إلى تسهيل استخدام وسائل الدفع والتحويل الإلكتروني للأموال القائمة والمبتكرة كالشيكات وبطاقات الدفع والمحافظ الإلكترونية، وقنوات الدفع الإلكترونية والموفرة من قبل البنوك الأردنية وشركات خدمات الدفع والتحويل الإلكتروني للأموال (وفقا لتقرير صادر عن البنك المركزي).
- رغبة العديد من الناس بمواكبة العصر والعالم الرقمي والالكتروني، وسهولة التعامل مع هذه التقنيات الحديثة، اضافة الى وجود شركات متخصصة ومتطورة باتت تقدم أحدث النظم والخدمات والتقنيات في هذا المجال، بالاضافة لتوفّر بنية تحتية وحلول تكنولوجية خاصة بالاجراءات المالية الالكترونية والدفع الالكتروني، والتي باتت متواجدة في كثير من نقاط البيع في المولات والمقاهي والمحلات التجارية، وغيرها من مؤسسات القطاع الخاص، وحتى الوزارات والمؤسسات والعديد من الادارات الحكومية.
- التخوف من استخدام التكنولوجيا والدفع الالكتروني بات خلف ظهر كثيرين ممن أصبحوا أكثر ثقة واطمئنانا لسرية وسهولة التعامل والاعتماد على الدفع الالكتروني بمختلف الخدمات المالية.
الاقبال على التداولات المالية من خلال وسائل الدفع الالكتروني بات ضرورة ملحة ولم يعد ترفا، وتشير آخر الارقام الى أن التداولات المالية من خلال الدفع الالكتروني زادت في الأردن خلال النصف الاول من العام الحالي 2021 بنسبة (35 %) عن الفترة نفسها من العام الماضي، كما ارتفعت نسبة عدد المتعاملين بوسائل الدفع الالكتروني بنحو (50 %) خلال نفس الفترة.
ومن هذا المنطلق فان على الحكومة - كما القطاع الخاص - أن تبذل جهدا بالترويج للدفع الالكتروني انطلاقا مما أثبتته آخر الدراسات العالمية والتي أكدّت أهمية الدفع الالكتروني بالوصول لكثير من المنتجات والخدمات المالية، الأمر الذي يساهم برفع معدلات النمو الاقتصادي، اضافة الى دور وأهمية «الدفع الالكتروني» بالحد من التهرب الضريبي وزيادة «الاقتصاد المنظّم» والحد من «اقتصاد الظل».
عوامل عديدة ظهرت مؤخرا من شأنها أن تساعد تماما على نشر «ثقافة الدفع الالكتروني»، والاعتماد على التكنولوجيا في الدفع الالكتروني وفي مقدمتها: انتشار وتزايد «التجارة الالكترونية»، وظهور حلول وتطبيقات حكومية تسهّل دفع الفواتير من خلال وسائل وحلول «الدفع الإلكتروني» المتعددة، وتوسع القطاع الخاص والبنوك تحديدا بهذه الخدمات والتطبيقات، وأخيرا وليس آخرا «الهوية الرقمية للمواطنين»، واعتبار الحكومة «الشمول المالي» أولوية في برامجها.. وكل ذل ك يعتبر عوامل مساعدة على نشر ثقافة «الدفع الإلكتروني» والتي تحتاج لجهد متواصل وعمل دؤوب من قبل الجهات المعنية، وفي مقدمتها «الإعلامية» بكافة وسائلها، لمواكبة تطورات وتحولات العصر.