ثمة صلة عضوية حميمية بين المخدرات والجريمة. ودائما اقول وراء اي جريمة بشعة وغريبة اقتفوا اثر المخدرات.
في ادارة البحث الجنائي والمعلومات الجنائية، ولو ينشروا للرأي العام تحقيقات غير مباشرة عن جرائم بشعة ارتكبت في المجتمع الاردني.. ومن هنا اتحدى ان المخدرات هي الكلمة السر والمفتاح.
عالم المخدرات في الاردن يكبر ويتضخم، وعالم المخدرات يغدق بالسرية.. من جريمة طبربور الى جرائم طفل الزرقاء واربد والدوار السابع، وحوداث قتل واعتداء وهتك عرض، وسرقة.
الابطال المجرمون متعاطو مخدرات، وتجار ومروجون.. وهم ضحايا مخدرات، وسقطوا في عالم الهلوسات والحبوب والجوكر واللاركا والكريستال، وغيرها.
قبل ايام تابعت فيديو صادرا عن مديرية الامن العام، ويشرح به انس طنطاوي عن مادة مخدرات قاتلة وخطيرة تنتشر في المجتمع الاردني اسمها «كريستال»، وهي اخطر من مادة الجوكر وشقيقاتها، وتصيب العقل بهلوسة ومادة ادمان، وتحول الانسان الى قاتل ومجرم، وفاقد للاحساس بالحياة والوجود والعالم.
في سوق المخدرات الكريستال احتلت مكان الجوكر، وتزاحم على المرتبة الاولى الان، وتتصدر مشهد المخدرات في الاردن.. وتنتشر في شكل واسع، وهي مادة كيماوية مصنعة مستوردة وتتوفر في الاسواق، وسعرها رخيص مقارنة بمواد مخدرات اخرى مهربة، كالكوكائين والهرويين.
ضبوطات المخدرات يومية.. والكميات المضبوطة كبيرة، وما عاد خبر المداهمات محصورا في مناطق معنية، وباقل تقدير المكافحة واين ما رمت شباكها ستصيد مروجين وتجار ومتعاطين من اقصى الجنوب الى الشمال.
من اعوام قدرنا ان الاردن يخوض حربا ضد المخدرات. وقد امتد خطر المخدرات على الاردن عندما سيطرت الجماعات الارهابية المتطرفة على الجنوب السوري، وازدهرت تجارة المخدرات والسلاح، وهما المصدر الرئيسي الممول للجماعات الارهابية، والمغذي لوجستيا للعمليات الارهابية ونشاط التنظيمات.
تهديد المخدرات لم ينخفض رغم التحولات الجيوسياسية في الجنوب السوري، واستعادة الجيش السوري السيطرة على رقاع ومناطق واسعة كانت الجماعات الارهابية بسطت نفوذها وسيطرتها عليها.
الغريب ان العقل الرسمي يتحدث عن المخدرات بقلق ويتحسس مخاطرها، ولكنه ما زال متحفظا ومتهاونا في التشريعات والاجراءات الرادعة..
وتابع امس جلسة مجلس النواب والتعديلات المقترحة على قانون المخدرات، وبدلا من التغليظ في العقوبات للمتعاطي والتاجر والمروج، فان التعديلات جاءت متساهلة ورخوة.
وكما جاء في تعديلات القانون المتعاطي لاول مرة لا يعاقب في السجن ولا يسجل عليه قيد امني. بمعنى انه ياخذ فرصة اخرى، وليمارس هذا العمل السيئ والمؤذي للناس والمجتمع والدولة.
وكما جاءت عقوبات تجارة المخدرات متهاونة، وبدلا من التعديل على القانون بعقوبات مغلظة، فان المروج والتاجر ينال احكاما مخفضة، وبعد الاستنئناف والتمييز والطعون القانونية تقل الى حد لا يرتقي اطلاقا مع شكل ومنسوب الجرم.
في دول مجاورة تاجر ومروج المخدرات يعدم ويواجه احكاما قاسية من مؤبد واكثر. ولكن، بعدما تابعنا امس مناقشات السادة النواب لقانون المخدرات، ومن كثر ما دقينا نواقيس الخطر بالنسبة لهذه الظاهرة المدمرة والفتاكة والمفسدة للمجتمع، فثمة ما يدعو الى المطالبة بسحب القانون وتعديلاته.
القانون يتعامل بلطف ونعومة مع مجرمي المخدرات. ويدمرون المجتمع ويقتلون الناس، وينتهكون في امن وسلم المجتمع. الحاجة ملحة، بل واكثر من ملحة بضرورة مراجعة القانون، وتغليظ العقوبات، وان يكون قلب المشرع لا يعرف رحمة على مجرمين ووحوش المخدرات.
وتعرفون، ان الادهى بالامر، وفي تتبع واستقصاء صحفي مهني وراء تجار مخدرات سجنوا وصدرت بحقهم احكام خفيفة اقل من 7 سنوات قضوها في السجن، وعندما خرجوا عادوا الى ممارسة التجارة وبخبرة وقسوة، وقوة قلب، وتحدي اكبر للدولة والمجتمع.
انصح الحكومة والنواب بان يعودوا لمراجعة قانون المخدرات، ولا يتسرعوا في اقراره، وان يعدل القانون في ضوء المعطيات والارقام الراهنة لتفشي المخدرات، وما خلفت من جرائم بشعة وقتلت ارواحا وانهكت الاقتصاد الوطني.
المعركة على المخدرات ليست امنية بحتة. والمواجهة حتما لا بد ان تكون باستعمال كل الادوات والوسائل المتاحة والممكنة.