اعتقد ان مواقع التواصل الاجتماعي وانتشارها وسهولة التعاطي بها جعل الحالة الشعورية (المزاج العام) يغلب على الرأي العام الذي يبنى على دراسات وأرقام وحقائق تجاه القضايا الوطنية والاقليمية لا بل والمناطقية، ولقد تحدثت مرة في لقاء مع جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله عن الانطباعية والحالة المتواترة في الشارع العام انها تقترب وتقارب من أن تكون رأيا عاما وان كان هذا مغلوطا حول واقع ووقائع حالات بعينها، وعن تقصير أجهزة الدولة ذات العلاقة في عرض تلك الحقائق والوقائع للتأثير على المزاج العام الاتهامي في الحالات التي أشرت عليها.
وما ازال انظر إلى حالة القصور والتقصير من أجهزة الدولة انها احد الاسباب الرئيسة في غياب ثقة المواطن وإلقاء الاتهامات وبث السلبية في الشارع الأردني، الذي يتواتر ويتداول عنه غياب الثقة بالحكومة وقراراتها وتشريعاتها، كما انها صنعت انطباعا بإن الفساد في بلاد منظومة بالرقابة وبضبط الاداء المؤسسي بإن الفساد فيها مؤسسة مع ان الواقع يؤشر على أن هناك فاسدين ولا يوجد مؤسسة للفساد، ويقاس على ذلك العديد من الأحكام المعلبة التي تبث صباح مساء دون وجود آليات فاعلة تعمل على خلق رأي عام فاعل يؤشر على الواقع.
ولأن حالة التشخيص كما تقدم سابقا فإن المعالجة يجب أن تتوائم وهذا الحال، ولا يعقل أن يراقب دون عمل فعلي منهجي، ويتركها لفوضى السلبية والاشاعة بل عليه أن يعيد مسار المزاج العام ليتوافق مع الرأي العام، وذلك لا يكون أن غابت مؤسسات التنشئة الاجتماعية (الأسرة، المدرسة، الاعلام، ودور العبادة ) عن القيام بادوارها من خلال تغذية راجعة لها تقوم بها مؤسسات التشريع والقرار، ومؤسسات الدراسات والتحليل والقياس المختصّة.
جيد أن نتحدث عن التربية الاعلامية في مدارسنا، ولكن هل هناك تفعيل حقيقي لحق الحصول على المعلومة؟! وهل هناك شفافية في الاعتراف بالازمة وإدارتها وفق أسس علمية عالمية تدرك مراحل إدارتها: ما قبل وخلال وما بعد الازمة؟! فالاعلام يجب أن يكون جزء من الحل لا أن يكون نارا تذكيها، كما يجب أن يكون المساءلة والثواب والعقاب أدوات ردع وزجر وتبعث بالقدوة أن لكل مجتهد نصيب.
اعتقد أننا نحتاج مؤسسية ضبط الجودة الشاملة في أداء سلطاتنا الدستورية، تقيس الاداء وفق مؤشرات القياس ودراسة الأثر من بعد حتى نكون قادرين على إيجاد رأي عام واقعي لا مزاج عام متواتر الرواية بلا سند ولا دليل، يكون معول هدم بدل البناء.