2024-11-26 - الثلاثاء
00:00:00

آراء و مقالات

متطلبات إعادة إنطلاق الاقتصاد!!

{clean_title}
د.عدلي قندح
صوت عمان :  

تحدثنا في مقال الأحد الماضي عن منعة الاقتصاد وقلنا إن الاقتصاد الأردني قد تعرض لمجموعة متتالية من الأزمات
الاقتصادية والمالية العالمية، والسياسية والأمنية الإقليمية التي ما لبثت أن تحولت الى أزمات اقتصادية أثرت وما تزال تؤثر على قطاعات الاقتصاد الحقيقي مثل معدلات نمو الناتج ومعدلات البطالة.

وانعكست أيضا بشكل مباشر على باقي المؤشرات المالية والنقدية ومن أبرزها مستويات المديونية التي وصلت الى
مستويات مرتفعة، ألقت بأعبائها على قدرة الدولة على المضي في ضخ استثمارات عامة ضرورية كانت ستعمل على تقوية اساسيات الاقتصاد الأردني ولكنها لم تتحقق.

ومسألة منعة الاقتصاد أو مرونته تقاس بمؤشرات ومعايير دقيقة ولا ُتترك للعواطف ولقاعدة الابهام، فمنعة أو مرونة الاقتصاد هي مدى قدرته على التأقلم والتعافي واعادة البناء بسرعة؛ بمعنى قدرته على استعادة معدلات النمو السابقة او أفضل منها، وبنفس الوقت استعادة معدلات التشغيل أو تخفيض معدلات الفقر والبطالة، فما هو الوضع في الأردن؟

تشير البيانات المتوفرة أن الاقتصاد االردني قد حقق معدلات نمو اقتصادي وصل معدلها الى 2.6 بالمائة خلال الفترة 2000 وحتى عام 2009 حيث كان النمو مقادًا بشكل رئيسي بارتفاع انتاجية عوامل الانتاج، وارتفاع مخزون رأس المال، أو مستويات الاستثمار من القطاعين العام والخاص، وبشكل أقل مقادا بعنصر العمل، ونتيجة للأزمات المتتالية
انخفضت معدلات النمو الاقتصادي الى مستويات 2 بالمائة بالمتوسط خلال العقد الماضي، وانزلقت لمستويات سالبة نتيجة تداعيات جائحة كورونا، ولم يستطع الاقتصاد استعادة مستوياتها المرتفعة التي كانت سائدة في العقد الأول من الألفية الثانية، وبقيت حتى الربع الأول من هذا العام عند مستوى 3.0 بالمائة فقط، علاوة على ذلك، فقد تفاقمت معدلات البطالة لمستويات أعلى بكثير من مستوياتها ما قبل الأزمات والصدمات لتصل أعلى من 25 بالمائة، وهذان مؤشران رئيسيان واضحان على عدم قدرة الاقتصاد الأردني على التأقلم والتعافي منذ أكثر من عقد من الزمان، وكان ذلك واضحًا حتى قبل اندلاع جائحة كورونا في نهاية عام 2019

أما اذا بحثنا عن أسباب تأثر الاقتصاد الأردني لهذه الدرجة بما يحدث في الاقليم والعالم ولماذا لم يستطع استعادة عافيته لفترة طويلة، وتدهوره أكثر فأكثر سنة بعد سنة، فيمكن الحديث عن مجموعة من العوامل والأسباب وراء هذا التدهور، ومن أبرزها تراجع انتاجية عوامل الانتاج بشكل خطير، وتراجع الاستثمار، وانكشاف اقتصادنا على الخارج،
واستمرار اعتمادنا على نفس السياسات والأدوات، ولن أدخل بتفاصل هذه الموضوعات لأن غالبيتها معروفة للجميع، فما الحل؟ وكيف نجعل من الاقتصاد الأردني أكثر مرونة ومنعة أمام الأزمات والصدمات الخارجية؟

باعتقادي أنه للتخفيف من تأثر الاقتصاد الأردني بما يحصل في العالم الخارجي، ولإعادة انطلاقه من جديد، لا بد من زيادة اعتمادنا على الذات وتحسين انتاجية عوامل الانتاج بكل ما تعني الكلمة من معنى، وزيادة ضح الاستثمارات بكافة أنواعها ومصادرها وقطاعاتها، والأهم لا بد من احداث تغيير جذري في السياسات الاقتصادية وأدواتها قاطبة، فلم نلمس منذ سنوات طويلة أي تغيير ملموس على أدوات وآليات عمل تلك السياسات، وما نراه هو بمثابة وضع عكاكيز رخوة يرتكي عليها الاقتصاد، لم تؤهله من التأقلم والتعافي واعادة البناء والانطلاق من جديد،واذا ما استمر الوضع على هذا الموال سنصل الى مرحلة خطيرة نحن بغنى عنها.

نحن بحاجة الجراء تغيير جذري وجراحي في استغلال عناصر الانتاج وتغيير الطريقة المزاجية التي نتعامل بها مع المستثمرين في كافة مواقعهم؛ في المناطق الحرة والمناطق التنموية والمناطق الاقتصادية الخاصة وحتى في المناطق الجمركية، خففوا الضغط على المستثمرين لأن بايديهم جزء كبير من الحل لمعضلة النمو الاقتصادي والتشغيل والتحويلات من العملات الصعبة وايرادات الخزينة وانعاش الاقتصاد

الرأي