ذكرت رأيي الشخصي هنا أكثر من مرة، حول الهزة الكبيرة التي تعرض لها التعليم بمستوييه المدرسي والجامعي، ليغيب عن اخبار الشأن العام تباعا.. الجامعي ثم المدرسي، حيث ينتهج وزيره الحالي سياسة الابتعاد ما أمكن عن الإعلام.
ونكرر الحقيقة المؤكدة، التي تقول بأن التعليم عن بعد قد يعطي نتائج أفضل، لو توفرت بنية تحتية مناسبة، كالتجهيزات والمناهج المناسبة، وقبلها وأثناءها وبعدها، الثقافة المطلوبة للتعامل مع هذا النوع من التعليم، وأهم محور فيها التزام وقبول وتفاعل الطلبة مع ما يتم تقديمه من المؤسسات التعليمية، والمدرّسين فيها، واجراء تقييم او تقويم مناسب لمستوى الطلبة، والتعامل بجدية مع الملاحظات القادمة من خلال التغذية الراجعة.
التجربة القسرية التي تعرض لها أطراف العملية التعليمية، ليست بسيطة، ولم يتم تقييمها بشكل فعلي حتى اليوم، وفي الوقت الذي لا نكترث خلاله لمستوى طلبة الجامعات الذين تخرجوا من جامعاتهم خلال الفصول الدراسية الأربعة الماضية، ولا لمستوى طلبة المدارس، الذين تم ترفيعهم الى صفوف متقدمة، للعام الثاني على التوالي، يجب علينا ان نهتم أكثر بمخرجات امتحان الثانوية العامة الجارية الآن، حيث يتقدم لها أكثر من 170 الف طالب وطالبة، درسوا كل مباحثهم على طريقة التعلم عن بعد، وأنفقوا خلال هذا العام مالا أكثر مما ينفقونه على الدراسة (الخصوصي) في الأعوام السابقة، ولا مرجعية وجاهية فعلية توجههم، سوى ما يمليه النت ودروسه وبطاقاته المدفوعة مسبقا.
عبرت وزارة التربية والتعليم عن وجهة نظرها، بل خطتها لتقديم امتحان ثانوية أكثر دقة في تقييم الطلبة، ولم يغفلوا بأن الطلبة لم يلتحقوا بغرف الصف، وأن مستواهم مختلف عمن سبقهم من طلبة الثانوية في الأعوام الماضية، فقاموا بتغيير نمط أسئلة بعض المواد، مقارنة بالعام السابق، ولأننا نحرص على عدم التحدث تحليلا واستنتاجا عن نتائج امتحان ما زال يجري، فإننا سنكتفي بالإشارة الى بعض الملاحظات التي وردت على ألسنة بعض الطلبة والمدرسين لبعض المباحث التي تم تقديمها، حيث ظهر عامل الوقت في أغلب الملاحظات، حيث عبر هؤلاء عن عدم كفاية الوقت، وقال بعضهم شيئا عن صعوبة الأسئلة في مباحث أخرى، وأعتقد أن وزارة التربية سيكون لها موقفها من هذه الملاحظات عند تصحيح اوراق الامتحان.
نتحدث هنا عن بعض الإجراءات والملاحظات المتعلقة بما تم تقديمه من امتحانات، لكن الناحية الأهم من نزاهة الامتحان وعدالة التقييم، هي المتعلقة (بالغش)، وهي المشكلة التي واجهناها في امتحانات سابقة، حيث نقلت بعض الملاحظات بشكل شخصي لعناية أمين عام وزارة التربية، حيث تزايدت شكوك حول سلامة الإجراءات حول ورقة الإجابة، قبل وصولها لمراكز أو مرحلة التصحيح، وأعتقد أن الوزارة لا تستثني الاهتمام بكل ملاحظة تردها.
نحن ننتظر نتائج منطقية تتفق مع حقيقة أن هذه الامتحانات تجري في ظروف صحية استثنائية، وبعد مرور أكثر من عام ونصف على هذه الحالة الاستثنائية، التي اضطر معها الجميع لأسلوب التعلم عن بعد، فنحن لا نتوقع ان نسمع عن نتائج ومعدلات فلكية، لكننا بكل تأكيد نريد مرورا آمنا لهؤلاء الطلبة، ليبلغوا مقعدا جامعيا مناسبا لمستواهم، لا أكثر ولا أقل.