حذرت الأمم المتحدة من ارتفاع أسعار الغذاء في العالم بوتيرة هي الأسرع منذ أكثر من 10 أعوام.
الحكومة قررت زيادات متواترة على اسعار المحروقات ، وتعرفة الكهرباء يجري دراستها بصمت شديد ، ومسؤول حكومي تحدث عن ترجيح اعادة
النظر في التعرفة ، بمعنى ادق واوفى واوضح زيادة التعرفة على الشرائح الاجتماعية المتوسطة ومحدودة الدخل . وذلك يندرج ضمن سياسة اعادة هيكلة قطاع الطاقة .
سلة المواد الغذائية والاستهلاكية الضرورية وسلع كثيرة تننظر ارتفاعا محتوما ، ووسط ما يساق من تحذيرات اممية حول الارتفاع المحتمل على اسعار الغذاء في العالم , وهذا من توابع ومخلفات ازمة كورونا .
هل ما يزال المجتمع الاردني قادرا على تحمل مزيد من الضغوط المعيشية ؟ وهل يستطيع الاقتصاد الاردني تحمل مفاعيل ازمة كورونا وما بعدها ، واستيعاب الانعكاسات لانكشاف الاقتصاد الاردني امام ازمة وبائية اكلت الاخضر واليابس ؟
لم يبق شيء يخاف عليه الاردنيون .. رواتب قضمت ، ووظائف خسروها وطردوا منها ، واقساط البنوك ومؤسسات التمويل والاقراض تراكمت ، ولو رفعت اوامر الدفاع فان نصف الاردنيين واكثر سيكون مصيرهم الحبس ، ضحايا كورونا : مليون فقير ومليون عاطل عن العطل ، ومليون متعثر ، مليون مطلوب للقضاء .
الاعلام منشغل منذ ايام بالحديث عن موجة ارتفاع الاسعار الجديدة ، لربما ان الناس لم يعودوا مبالين وغير مكترثين. ولماذا يهتم الناس ويعبروا عن غضبهم احتجاجا على تقاسم الفقر ، والقلة والفقر الجديد ، والفقراء لا يخسرون أكثر من فقرهم ؟!
عناوين لازمات اضافية .. وفي غمرة ذلك يغيب السؤال المركزي عن كيفية تصرف الحكومة ، وماذا تملك الحكومة ؟ وما مدى جاهزية الحكومة لاستعياب انفلات جديد في احبال معيشية الاردنيين ، وموجة جديدة من غلاء غير مسبوق ، وارتفاع تقريبا لكافة السلع والحاجات ، والمواد الاستهلاكية دون استثناء .
ولطالما ان الحكومة مشغولة بقانون الانتخاب والاحزاب .. وفان ذلك لا يضفي الى ضرورة واهمية لخطاب التنبيه والاستشعار عن بعد ، وضرب المجسات الرسمية.
كيف ستعالج ازمة ارتفاع الاسعار الجديدة ؟ هل يمكن ان يتحمل المواطن الاردني اكثر ومزيدا من قرارات رفع الاسعار ؟ ولماذا لا نفكر مسبقا في بدائل ، مراجعة لسياسة الضرائب والرسوم والجمارك ، وسياسة اقتصاد الاستيراد ، وتوزيع عادل اجتماعيا لاي كلف واعباء اقتصادية جديدة .
أليس غريبا ان يواجه الاقتصاد الاردني كورونا وما بعدها ، وازمة ارتفاع الاسعار والموجات المرتقبة على مبدأ الانفتاح واقتصاد الاستيراد وثقافة الاستهلاك ، والتحرر من القيود الجمركية ؟
ليس معقولا ان تبقى المنافذ الحدودية مشروعة لاستيراد ما هب ودب . وليس معقولا ان لا تخضع الجمارك لمعايير اجتماعية واقتصادية عادلة ، توازن ما بين الحاجة والضرورة للاستيراد ، والشريحة الاجتماعية المستفيدة من الاستيراد ، والخدمة الاجتماعية والانسانية للسلعة المستوردة .
في انظمة الجمارك عيوب لا تغتفر .. سيارات امريكية للرفاهية محركاتها ضخمة مستوردة وجمركها متدني لدرجة لا يقارن باستيراد علب حليب وادوية ، وكذلك دراجات نارية ، وعطور ومكياج واكسسسورات تستهلكها الطبقة الراقية .
بعد تحذير الامم المتحدة نضع ايدينا على قلوبنا ، جراء ما قد يطال من ارتفاع للسلع الاساسية والمواد الاولية التي تدخل في عملية الانتاج ، ضربة للثروة الحيوانية ومربيها ، وضربة لما تبقى من اقتصاد زراعي حيواني ونباتي ، ولمجتمعات الارياف والمزارعين .
لا تستغرب ان تشتري كليو البندورة بدينارين والدجاج باربعة دنانير ، واللحمة بعشرين دينارا . اعلان وفاة سريرية للاقتصاد الانتاجي الاردني . وهذا ما ترمي اليه سياسات ليبرالية لتصفية الاقتصاد الانتاجي ، واغراق البلاد بالاستيراد .
و ابدي من هنا قلقا وخوفا على الاردن . وسط تطرف في تبني ايديلوجيا اقتصاد السوق والليبرالية والانفتاح، وضحيتها المجتمع واقتصاده ، وتدفع نحو قتل ونحر وتصفية اي اجتهادات وحلول وطنية للازمة الاقتصادية الخانقة .