امتحان الرياضيات كشف المستور... وبيان الوزارة أكد الاعتراف
في خضم الجدل الشعبي والطلابي الكبير حول امتحان الرياضيات – الورقة الأولى للفرع العلمي – أصدرت وزارة التربية والتعليم بيانًا تؤكد فيه أن "جميع الأسئلة جاءت من الكتاب المدرسي"، في محاولة لطمأنة الرأي العام والدفاع عن عدالة الامتحان.
لكن هذا البيان، في مضمونه، يمثل اعترافًا واضحًا وصريحًا من الجهة المسؤولة عن التعليم في الأردن بأن الخلل يكمن في جودة التعليم نفسه، وليس في طبيعة الأسئلة. فإذا كانت الأسئلة مأخوذة من الكتاب، فلماذا عجز آلاف الطلبة عن التعامل معها؟ الإجابة المؤلمة تشير إلى أن الطلبة لم يتلقوا التعليم الفعّال الذي يمكنهم من فهم المادة واستيعابها والتعامل مع أنماط الأسئلة المتوقعة.
وهنا تظهر إدانة ضمنية لدور الوزارة في تأهيل وتدريب الكوادر التعليمية، فالمعلم هو حلقة الوصل الجوهرية بين المنهاج والطالب. وعندما يكون غير مؤهل بما يكفي لنقل المعرفة وتحفيز الفهم، فإن مخرجات التعليم ستتراجع، وهو ما نراه اليوم جليًا في نتائج أداء الطلبة في الامتحانات الوطنية.
إن ما جرى في امتحان الرياضيات ليس حادثًا منفصلًا، بل هو نتيجة تراكمية لسنوات من الإهمال في تطوير العملية التعليمية ومعاييرها، وتراجع الاستثمار في تدريب المعلمين وتقييم المناهج.
النتيجة الحقيقية التي كشفها هذا الامتحان هي أن نوعية التعليم في أدنى مستوياتها، وأن إصلاح التعليم لم يعد خيارًا، بل ضرورة وطنية عاجلة.
نطالب وزارة التربية والتعليم بمصارحة الرأي العام، وتحمل المسؤولية بشجاعة، والبدء بخطة إصلاح شاملة تشمل:
إعادة تأهيل الكوادر التعليمية وفقًا لمعايير عالية.
مراجعة حقيقية لمحتوى المناهج وأساليب تدريسها.
تعزيز أدوات التقييم المستمر، لا الاعتماد فقط على امتحانات نهائية مصيرية.
فالمستقبل لا يُبنى بالشعارات، بل بجودة التعليم، وثقة الطلبة، وعدالة التقييم.