كتبت ثلاث مرات عن الجمعية الأردنية لمتقاعدي الضمان الاجتماعي، ودعوت إلى تغليب نهج التشاركية على المطالبية، ونهج الاعتصام بدل الخصام، ولكن ما نراه على أرض الواقع بات مختلفاً ومؤسفاً، إذ عصفت بالجمعية خلال الفترة الماضية خلافات ونزاعات طفت بوضوح على السطح، فأوهنت شوكتها..!
اليوم يمر على تأسيس الجمعية (13) عاماً، وإذ يتدافع المتقاعدون المنتسبون لها بعد ثلاث وعشرين ساعة (غداً السبت) إلى صندوق الاقتراع في بيتهم الكبير ، مؤسسة الضمان الاجتماعي، لانتخاب هيئة إدارية جديدة للجمعية لعامين قادمين، وسط تحديات كبيرة وطموحات أكبر، فما يُعلّق على الجمعية من آمال أصبح كبيراً، والتشرف بعضوية هيئتها الإدارية هو تكليف باهظ الثمن..!
ولا أخفي أن عدداً لا يستهان به من الإخوة المتقاعدين تواصلوا معي خلال الفترة القريبة الماضية من أكثر من محافظة، وعبّروا عن عدم رضاهم عن دور الجمعية وأدائها. وتساءلوا ما الحل..؟
لقد واكبت الجمعية منذ بدايات نشأتها، وأعلم الجهد الذي بذله مؤسّسوها في ذلك الوقت وفي مقدمتهم الصديق السيد محمد عربيات ورفاقه، إضافة إلى جهد سابق مُقَدّر للصديق السيد عبدالله شموط الذي استطاع وعدد من زملائه تأسيس جمعية متقاعدي الضمان الخيرية في مدينة الزرقاء، وهي أول كيان لمتقاعدي الضمان انبثق من الزرقاء وإليها في ذلك الوقت، والتي اندمجت لاحقاً مع الجمعية الأردنية لمتقاعدي الضمان عند تأسيسها عام 2009، تغليباً للصالح العام ولتوحيد الجهود وإيجاد جسم قوي يمثل متقاعدي الضمان الذين يتنامى عددهم يوماً بعد يوم، ثم تقلدّ رئاسة الجمعية الأخ والصديق الأستاذ حمدان خريسات، ثم تلاه الأخ عربيات لمرة ثانية، ثم الأخ الأستاذ أحمد القرارعة وهو الرئيس الحالي للهيئة الإدارية للجمعية حتى اليوم والتي لم تهدأ الخلافات فيها منذ أن تم انتخابها وإلى الآن مع الأسف ما بين مد وجزر..!
ولأن دور الجمعية ككيان وحيد يمثل متقاعدي الضمان، بدأ يضعف بشكل جلي، ما ينبغي معه دراسة الأسباب، فإن إعادة ترتيب البيت الداخلي لها لن يكون سهلاً، وقد قلت لعدد من الأصدقاء القائمين على الجمعية الحاليين منهم والسابقين وغيرهم من المهتمّين بأن جمعية متقاعدي الضمان يجب أن تكون أقوى كيان لمؤسسة مجتمع مدني بالدولة، وأن بإمكان الجمعية أن تفعل الكثير بالتخطيط السليم والتنظيم ووحدة الصف، ووضع السياسات المدروسة واقتراح التشريعات المناسبة، وإنشاء المشروعات، والدخول في الشراكات المجدية مع مؤسسة الضمان وغيرها من المؤسسات في القطاعين العام والخاص والتنسيق والتعاون مع منظمات المجتمع المدني، وأن تدخل أيضاً في مجالات التدريب وإعادة التأهيل والتشغيل، ومجال التوعية والإعلام المهني والقانوني والتأميني، وأن تطرح الأفكار العملية التي من شأنها تحسين مستوى معيشة المتقاعدين، وتوسّع من قاعدة المنتسبين للهيئة العامة للجمعية.
وكل ما سبق يحتاج إلى قيادات مستعدة للعمل بوعي وفكر وتجرد وإخلاص مسكون بنزعة تطوعية عالية، لا تستجدي وإنما تفرض، ولا تتمنى وإنما تنفّذ، ولا تعلق وإنما تطبّق، ولديها القدرة على وضع البرامج التشاركية وتنفيذها.
لا بد أن نعترف بأن الجمعية أخفقت في تسويق نفسها للمتقاعدين، وأنها لم تستطع الوصول إلى قناعاتهم بأهميتها بالنسبة للجميع، وأنها انشغلت بأمور هامشية كثيرة على حساب الأمور والمهام الرئيسة والأساسية، وأن حجم المناكفات والخلافات طغى على جوهر العمل وأشغل الهيئات الإدارية عن مهامها ومسؤولياتها ما أضعف الجمعية وأفقدها ثقة الشريحة الأوسع من متقاعدي الضمان، إضافة إلى إضعاف دورها وهزّ مكانتها أمام مؤسسة الضمان وبقية مؤسسات الدولة.
لكل ما سبق أقول: إن الحل قبل الأخير يكمن أولاً بانتخاب هيئة إدارية كفؤة من بين أل (39) مُرشّحاً ومن القوائم الأربعة المترشّحة بعيداً عن أي محاصصة أو مناطقية أو عصبية أنّى كانت، وعلى وزارة الداخلية ومؤسسة الضمان أن تضمنا أجواء انتخابية سليمة، ثم بالمراجعة والحوار والبدء فوراً بترتيب بيت المتقاعدين من جديد على أساس واضح وبتصميم جميل متين، وعلى مؤسسة الضمان الاجتماعي كشريك استراتيجي أن تساعد في ذلك.