الحدث الأبرز طوال الايام القليلة الماضية على مختلف منصات التواصل الاجتماعي عالميا «صفقة انتقال ليونيل ميسي» النجم العالمي صاحب الكرات الذهبية «الست» كأفضل لاعب في العالم، والتي توشك ان تصبح سبع كرات مقابل منافسه اللدود كريستيانو رونالدو صاحب الكرات الذهبية «الخمس».
ميسي ورونالدو، ليسا مجرد ظاهرتين كرويتين يجلبان المتعة والسعادة لعشاق المستديرة في العالم ومنذ قرابة عقدين من الزمان، بل هما أيضا من أكبر الاستثمارات الاقتصادية «البشرية» في العالم، فالرياضة - وتحديدا كرة القدم - صناعة وتجارة وسياحة وشركات واسهم ومراهنات ودعايات واعلام.. الى آخر المنظومة الاستثمارية، وكي ندلل على ما نقول نذكر بعض الملاحظات التالية:
- على الصعيد الشخصي يعد رونالدو اول لاعب كرة قدم يحطم رقم «المليار دولار» من حيث الثروة المالية الشخصية من كرة القدم في التاريخ، ويقترب منه سريعا ميسي بتجاوز هذا الرقم.
- رونالدو أول شخص في العالم يصل لنصف مليار متابع على مواقع التواصل الاجتماعي (إنستغرام وفيسبوك وتويتر)، وهو يتقاضى (1.6 مليون دولار) مقابل كل منشور على انستغرام.
- خلال 24 ساعة من اعلان انتقال رونالدو من ريال مدريد الى يوفنتوس حصل نادي السيدة العجوز على ايرادات (54 مليون دولار) مقابل بيع قميص رونالدو فقط (نصف صفقة رونالدو في يوم واحد والمقدرة بنحو 100 مليون دولار).
- مقابل صفقة ميسي سيدفع نادي باريس سان جيرمان للبرغوث نحو (70 مليون يورو) في عامين مدة العقد القابل للتجديد لسنة ثالثة اي (35 مليون يورو) في السنة (2.9 مليون يورو في الشهر) او (97 ألف يورو في اليوم) او (4 آلاف يورو في الساعة) = (67 يورو في الدقيقة) = (1.1 يورو) في الثانية.. هذا فقط من العقد - غير ايرادات الدعاية والاعلان وخلافه.
- مقابل ذلك وفور انتقال ميسي لباريس سان جيرمان ارتفعت «القيمة السوقية» للنادي بنسبة 20 %.
- على الجهة الاخرى وتحديدا نادي برشلونة فان الارقام الاولية تقول بان النادي الكتلوني سيخسر نحو 30 % في كل شيء ومنها خسارة (200 مليون يورو) من ايرادات الدوري الاسباني، وخسارة (950) مليون يورو «عقد رعاية شركة نايكي»، (111مليون يورو مكاسب صور ميسي) (60 مليون يورو خسائر البرشا من الاعلانات التجارية سنويا)، (175 مليون يورو خسارة النادي من ايرادات التذاكر)، واكبر من ذلك (1.7) مليار يورو تراجع قيمة البث التلفزيوني لليجا، وعقد بقيمة (3.4 مليار يورو مع شركة الاتصالات الاسبانية لمدة 3 سنوات مهدد بالالغاء، وستمتد خسائر النادي الى اقليم برشلونة (30% خسائر السياحة) والى مملكة اسبانيا المتوقع تراجع ايراداتها السياحية، التي تضررت كثيرا من جائحة كورونا لاعتماد الاقتصاد الرئيس على السياحة، وفي مقدمة عوامل الجذب السياحي ناديي ريال مدريد وبرشلونة بسبب النجمين رونالدو وميسي اللذين خسرتهما اسبانيا..(50 مليون يورو ضرائب عقد ميسي سنويا).
قائمة الارقام سوف تطول.. وما أود قوله باختصار: أن الرياضة عموما، وكرة القدم تحديدا ليست متعة رياضية فحسب بل هي استثمار طويل الامد يحرّك اقتصادات العالم، ومن اكبر الاحداث الرياضية اقتصاديا والتي تتنافس على استضافتها كبريات العواصم العالمية كأس العالم في كرة القدم و»دوري أبطال اوروبا» والاولمبياد.
الرياضة في بلادنا العربية في ذيل قائمة الاهتمامات رياضيا واقتصاديا، وقد احتفل العرب مؤخرا بانجاز تاريخي بالحصول على (18 ميدالية) في اولمبياد طوكيو، لجميع الدول العربية مقابل (113) ميدالية للولايات المتحدة الامريكية وحدها!.
أردنيا.. حققنا انجازا رائعا بميداليتين فضية (صالح الشرباتي) وبرونزية (عبد الرحمن المصاطفة) وقبلها في ريو 2016 ذهبية (أحمد أبوغوش) التاريخية، فلم نستثمر الانجازات تجاريا ولا اقتصاديا ولا سياحيا، ربما لأن الانجازات كانت بجهود فردية معظمها من أهالي اللاعبين ومحبيهم، وقليل من المؤمنين بأن الرياضة دجاجة تبيض ذهبا.
هل تعلمون يا سادة أن مخصصات «استعداد اتحاد كرة القدم للمشاركة في البطولات الدولية» في موازنة 2021 = (صفر) !..راجعوا الارقام لتتأكدوا، فكيف نطلب بعد ذلك انجازات في كرة القدم أو غيرها؟!،.. الرياضة الاردنية في الالعاب الفردية وحتى الجماعية «وكرة السلة» خير مثال، قادرة على تحقيق انجازات وايرادات للخزينة.. شريطة ان نؤمن بها حتى نصرف عليها، وحتى لا نشعر بالخجل ونحن نقارن كل ما يصرف على الرياضة العربية ببنوك عالمية متحركة مثل ميسي أو رونالدو!.