المتتبع لخطابات وأحاديث وتوجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني يلحظ دائما ربط جلالة الملك الاصلاح السياسي بالاصلاح الاقتصادي، وربط جلالته الاصلاح الاقتصادي بالاصلاح الاداري.. وأن منظومة الاصلاح «كل لا يتجزأ» ولا يمكن فصل قاطرة عن أخرى.
وفي أحاديث جلالته دائما هناك اضاءات على نجاحات يحققها الاردن رغم كل التحديات.. وهذا ما لاحظناه في حديث جلالته بالأمس خلال لقائه شخصيات بمنزل الشيخ ضيف الله القلاب في الزرقاء.. ومن ذلك:
- الاشارة الى أن الاردن تعامل مع ارقام كورونا منذ بداية الازمة بشفافية.. واننا تعلمنا كثيرا من الدروس من الوباء، خاصة في أهمية (دعم قدرات القطاع الطبي) و(تعزيز التخصصات الفنية).
- الاشارة الى ان هناك استعدادا من شركات في الولايات المتحدة الامريكية للتركيز على (السياحة العلاجية) في الاردن.. وهنا يجدر التذكير بالاهتمام الملكي المتواصل بالسياحة الاردنية كرافعة رئيسة للاقتصاد الاردني، والترويج المتواصل لها.. وقد برز ذلك خلال برنامج زيارة جلالته الاخيرة للولايات المتحدة وحديثه المباشر حول السياحة الدينية المسيحية في الاردن.
- الاشارة الى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في الاردن، وتمكّن هذا القطاع من استقطاب استثمارات جديدة خلال ازمة كورونا، ونجاح القطاع واستمراره بالتطوير وتوفير فرص عمل للشباب.
ومع كل النجاحات في قطاعات متعددة الا ان جلالة الملك وبشفافيته المعهوده، يضع اصبعه على التحديات، وما يجب اتخاذه من اجراءات وعوائق أمام مواصلة المسيرة ومن ذلك:
- ضرورة ان تكون خطوات الاصلاح (السياسي والاقتصادي والاداري) شمولية وان يعرف المواطنون الأردنيون الى أين هم ذاهبون.
- أكبر تحد أمام الاصلاح الاداري هو تسهيل الانظمة والاجراءات.
- «اللامركزية» تتطلب المزيد من العمل للمضي قدما فيها.
- محاربة الفساد تتطلب العمل بروح الفريق وبجدية، ونجاح «الحكومة الالكترونية» يساهم في الحد من الفساد.
هذه بعض العناوين البارزة لحديث جلالة الملك يوم أمس، والتي نرى انها توجيهات متواصلة من جلالة الملك تستوجب سرعة الاستجابة من كافة الجهات المعنية،ومن القطاعين العام والخاص، من أجل الجاهزية القصوى، وتحقيق المطلوب من اصلاحات سياسية واقتصادية وادارية، ووضع أولويات لدعم القطاعات التي تستوجب ذلك في هذه المرحلة، وفي مقدمتها ضرورة مواصلة دعم جاهزية وقدرة القطاع الصحي على الصمود في مواجهة جائحة كورونا المستمرة اقليميا وعالميا، بالاضافة الى مواصلة دعم القطاع السياحي لاهمية هذا القطاع الاكثر تضررا بالجائحة، والاكثر مساهمة برفع معدلات النمو وخلق فرص عمل، وهو قطاع يساهم بنحو (14%) من اجمالي الدخل المحلي، ومن المفترض ان يستفيد الاردن من ميزة فتح القطاعات ايلول المقبل، وفتح الاجواء باستقطاب السياحة الاقليمية والعالمية بسرعة تفوق جيرانه من الدول، كما يستحق قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بما يملكه من ابداعات وطاقات شبابية استطاعت خلال الجائحة تصدير ابداعاتها لكثير من دول العالم وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية.
الاصلاح الاداري.. وان كان يحتاج الى وقت، الا انه لا بد من منحه اولوية قصوى، فالتأخر فيه يشكل عقبة امام المواطنين ويحول امام تقديم خدمات رئيسة لهم في قطاعات التعليم والصحة والنقل.. وكافة الخدمات بدوائر ومؤسسات الدولة في العاصمة والمحافظات، بسبب «بيروقراطية مزمنة»، لا تتواءم ومتطلبات الاصلاح.. كما ان «البيروقراطية» العدو الاول امام جذب الاستثمارات والمستثمرين.. ليبقى - بعد كل ذلك - سؤال عابر لحكومات متعددة: متى سيتم انجاز مشروع «الحكومة الالكترونية» الذي طال انتظاره لاكثر من انتظارنا لمشروع «الباص السريع»؟.