اتمنى لو ان الحكومة تتابع بما يعرف بهدر وفاقد المياه في محافظة الكرك، والذي يقدر بـ65% بحسب تصريح رسمي منسوب لمسؤول في وزارة المياه والري.
معلومات كثيرة تدور حول فراغ سواء ما يتعلق في فاقد المياه والكهرباء، وذلك في عز ازمة الصيف الحار والخانق. واخواننا النواب عليهم ان يتحملوا مسؤولياتهم الوطنية والاخلاقية في ازاء ازمة اكثر ما تحتاج الى تكاتف وتعاضد الجميع لتجاوزها، وخصوصا في المياه وتحدي شحها؟.
الجمعة الماضي كنت في جولة سياحية في منطقة «وادي السلايطة» غرب مادبا، مياه سيل الوداي يجري الاعتداء عليها، واستنزافها بطريقة غير علمية لزراعات تقليدية تقام على السفوح الجبلية المحاذية لسيل الوادي. وتسحب كميات كبيرة من مياه السيل لسقي المزروعات، ويستخدم مزارعون طرق الري السطحي الانسيابي، وهذا يستهلك كميات كبرى من المياه، وتفوق الحاجة الطبيعية والمعقولة لري المزروعات، وتذهب المياه بالتبخر والهدر.
زراعة خسرانة، وهدر للمياه، وضياع طبيعي استراتيجي لمياه رافدة ومعززة للبحر الميت. والغريب ان من يقومون بذلك يعرفون انهم يعرضون الوادي الى خطر الجفاف، وكما ان البيئة الطبيعية في الوادي الذي يجلب سنويا عشرات الاف السياح تفقد الكثير من روحه وحيويته وجماله، وتدفقه في قلب الوادي الاعجوبة.
نقول لوزارة المياه هناك هدر كبير في المياه لا بد ان يعالج، ويتم الوقوف على مواطنه واسبابه ولمنع استمراره. فما احوج الاردن اليوم لكل لتر من المياه.
وزارة المياه اطلقت حملة توعوية لارشاد المواطنين باستعمال مثالي للمياه، وهددت بعقوبات ومخالفات لمرتكبي جرم الاستعمال المفرط واللامبالي للمياه في غسيل السيارات ورش الساحات والاسطح والشوارع وغيرها. وهذا من اخلاق ديننا وقيمنا الحضارية.. وقال «رسولنا الكريم محمد»: «لا تسرف من المياه ولو كنت على نهر جار».
وانا اتحدث عن المياه، وازمة هذا الصيف. لا بد من الاعتراف ان وزير المياه المهندس محمد النجار مسؤول حكيم ووازن، ونعرف هناك شكوى من انقطاع للمياه في مناطق متفرقة من المملكة، ولكن الرجل وموظفي الوزارة يقفون دون مواربة في متابعة اي شكوى، وتطبيق سياسة طوارىء في عدالة واتزان في حل ازمات هذا الصيف الاستثنائي.
قطعنا الفصل الاخطر من الصيف. ومن يتابع في الاعلام اخبار المياه، ولحمد الله ايقاعها كان لطيفا وخفيفا، وعلى خلاف ما هو متوقع، والفضل والشكر بالاول والاخير يعود لوزير المياه وموظفي الوزارة، من يعلمون في صمت بالغ، ويجهدون في حل اي ازمة وشكوى لانقطاع المياه.
وفي مسألة المياه والفاقد والهدر، فيبقى من الحتمي ان تسن تشريعات صارمة، وان تضع الحكومة اجراءات هندسية وفنية واجرائية توقف وتمنع الهدر، والى جانب ذلك، فالمسؤولية لا تقع على عاتق وزارة المياه لوحدها.
ازمة المياه طارىء سيادي، وعلى جميع اجهزة الدولة والمؤسسات الوقوف الى جانب وزارة المياه في دفاعها عن نقطة المياه وحمايتها، والدفاع عن المواطنين وحمايتهم من العطش وشح المياه.
لا يوجد بلد عربي فيه كفاية من الماء. لبنان، البلد المصنف عربيا بانه الاكثر امانا ووفرة بالمياه يواجه اليوم مشكلة اكبر، ليس لشح المياه، بقدر ما هي ازمة ادارة الدولة والانهيارات الكبرى في كل القطاعات، فلا كهرباء ولا مياه.
نتحدث عن المياه بحس ووجع وطني وانساني. وفي مسألة المياه لا بد من مواجهة الحقائق بصلابة وردع اقوى. نائب يتوسط لمتعدي على مياه، ونائب يبرر الاعتداء على المياه ومصادرها ومجاريها؟!.
ازمة المياه يمكن ان تحل بالادارة القوية، فالماء الشحيح يمكن ان يكفي بيتا لو استعمل برشد وحكمة، واحترم الفرد حق الاخر في شرب كأس ماء. وفي هذا الصيف الخانق بالحر، فاكثر ما يحتاج اي بيت وشقة متر ماء على السطح. فالقليل بقناعة يكفي عن الكثير الكثير اذا ما استعمل بجشع واستهتار ولا مبالاة.