في ظل الارتفاعات التاريخية التي يشهدها الذهب خلال العام الحالي، والتي لامس فيها سعر الأونصة حاجز الأربعة آلاف دولار في بعض الفترات، تتجه أنظار الدول الصناعية للبحث عن بدائل أكثر استقراراً وأقل كلفةً.
وفي هذا السياق، برزت الصين كسبّاقة في دخول مرحلة جديدة بصناعة المعادن النفيسة عبر ابتكار معدن فريد يُعرف باسم "الذهب الصيني الصافي الصلب".
حيث يجمع هذا المنتج المبتكر بين نقاء الذهب من عيار 24، وقوة وصلابة الذهب ذو عيار 18، مقدماً حلاً لمعادلة كانت تبدو مستحيلة.
ووضح الخبير الاقتصادي منير أبو دية في حديث خاص لـ صوت عمان أن هذا المعدن "ظهر لأول مرة بعد منتصف العام الحالي في السوق الصيني، وبدأ بالانتشار في كبريات محلات الذهب والمعارض التجارية”، مشيراً إلى أنه "معدن حقيقي يشابه الذهب التقليدي في لمعانه وبريقه، ويتميز بمقاومة عالية للخدوش وبمواصفات تجعله أكثر عملية للاستخدام اليومي”، مما يتيح للمستهلكين اقتناء مجوهرات شبيهة بالذهب الخالص دون دفع المبالغ المرتفعة ذاتها.
وأشار أبو دية إلى أن الصين، التي أصبحت لاعباً رئيسياً في الصناعات التكنولوجية من السيارات إلى الهواتف الذكية والروبوتات، "بدأت بتوسيع حضورها نحو صناعة المعادن الثمينة، في خطوة تعكس تطوراً استراتيجياً في قدرتها الصناعية، ومحاولة لتقليل اعتمادها على الذهب التقليدي الذي ارتفعت تكلفته بشكل غير مسبوق”.
وتابع أبو دية موضحاً أن الصين اتبعت سياسة اقتصادية مزدوجة خلال العام الحالي: فمن جهة، رفعت الطلب العالمي على الذهب من خلال شراء كميات ضخمة واستبدال سندات الخزنة الأمريكية بالدولار بمخزون الذهب؛ ومن جهة أخرى، بدأت بإنتاج هذا المعدن الجديد كبديل محتمل في الأسواق المستقبلية.
ووضح أبو دية "بهذه الخطوة نجحت الصين في التأثير على الأسعار العالمية، وتهيئة المستهلك نفسياً لتقبّل منتج جديد يشبه الذهب، لكنه أكثر صلابة وأقل تكلفة”.
ورغم أن انتشار المعدن الجديد لا يزال في مراحله الأولى داخل الصين، إلا أن أبو دية يشير الى أن التجارب الأولية "أثبتت قدرته على منافسة الذهب التقليدي من حيث الشكل والمظهر، إضافة إلى أنه يتيح للمستهلكين اقتناء مجوهرات شبيهة بالذهب الخالص دون دفع المبالغ المرتفعة ذاتها”.
ويتوقع أبو دية أن "ينتشر هذا المعدن خلال عام إلى عامين في الأسواق العالمية، خاصةً مع استمرار الارتفاعات السعرية الكبيرة في الذهب، ما سيدفع العديد من الشركات لتبني هذا الابتكار الجديد”.
ولتبسيط الفكرة، شبّه أبو دية الوضع الحالي بمرحلة دخول السيارات الصينية للأسواق العالمية قبل سنوات موضحاً: "في البداية شكّك المستهلكون بجودة السيارات الصينية واعتبروها منتجات مؤقتة، لكن مع الوقت والتجربة أثبتت كفاءتها وانتشرت عالمياً وأعتقد أن الذهب الصيني الصافي الصلب سيسلك المسار ذاته”.
وأختتم أبو دية حديثه بالتأكيد على أن هذا المعدن "ليس مجرد تقليد أو منتج تجميلي”، بل ثورة صناعية حقيقية في عالم المعادن النفيسة، وقد تغيّر خريطة السوق العالمي في السنوات القادمة، خصوصاً إذا ما أثبتت التجارب استدامته وجودته العالية.