في الوقت الذي تشهد فيه القضية الفلسطينية واحدة من أكثر مراحلها مأساوية وتعقيدًا، تقف مصر، كعادتها، بثبات وشجاعة إلى جانب الشعب الفلسطيني، رافضة الاستسلام للضغوط الدولية، ومتمسكة بدورها التاريخي والإنساني في الدفاع عن الحق الفلسطيني، والسعي الحثيث لوقف العدوان على قطاع غزة، وفك الحصار، وتقديم الدعم المتواصل لأهل القطاع المنكوب.
ورغم الجهود الكبيرة التي تبذلها القاهرة، تتعرض مصر، منذ فترة، إلى هجمة إعلامية شرسة ومنظمة، تستهدف تشويه صورتها وتقليل شأن مواقفها، خاصة فيما يتعلق بإدارة ملف غزة ومعبر رفح، وترويج مزاعم باطلة تهدف إلى بث الفتنة، وتأليب الرأي العام العربي والمصري، وبث روح الإحباط والتشكيك.
ولا يمكن النظر إلى هذه الحملات بوصفها "انتقادات عفوية” بل هي جزء من مخطط إعلامي ممنهج، تقوده منصات مشبوهة، مدعومة من أطراف خارجية لها مصلحة واضحة في إضعاف الدور المصري وإزاحته من مشهد الوساطة والتأثير الإقليمي والهدف ليس فقط تشويه صورة مصر، بل زعزعة الثقة في سياساتها، وإضعاف مركزها الإقليمي، تمهيدًا لإعادة تشكيل خريطة النفوذ في الشرق الأوسط، بعيدًا عن الدول التي ما زالت تحتفظ باستقلال قرارها.
مصر هي الدولة الوحيدة التي أبقت معبر رفح شريانًا وحيدًا لأهل غزة في عز الحصار، وهي من تبذل جهودًا دبلوماسية وأمنية إلى جانب الأردن لإدخال المساعدات، ونقل الجرحى، والضغط لوقف إطلاق النار، رغم تعقيدات المشهد الدولي وتشابك المصالح.
ولا ننسى أن مصر قدمت شهداء وتضحيات عبر عقود دفاعًا عن فلسطين، ولا تزال تُصرّ على أن القضية الفلسطينية هي قضيتها المركزية الأولى، مهما تغيّرت الحسابات وتبدّلت المواقف لدى البعض.
إن ما يُراد من هذه الهجمة الإعلامية ليس مصلحة الفلسطينيين، بل تفكيك الموقف العربي وإضعاف الجبهة الإقليمية الداعمة للقضية. ومن هنا، فإن الدفاع عن دور مصر، وفضح الأكاذيب التي تُبث عبر مواقع التواصل والقنوات المأجورة، لم يعد مجرد ترف سياسي، بل ضرورة وطنية وقومية.
فليعلم الجميع أن من يشككون في مواقف مصر والأردن لا يخدمون فلسطين، بل يخدمون مشاريع مشبوهة تسعى لتقسيم المنطقة وزرع الفتنة داخل المجتمعات العربية.