أصبحت انجازات مصر في بناء المدن الجديدة قصة نجاح تجري على الألسن، وهي عنوان النهوض الاقتصادي الجديد الى جانب العديد من المشاريع الكبرى في مجالات النقل والزراعة. اضافة الى اعادة انشاء الأحياء وتنظيفها من العشوائيات وفتح طرق وشريانات جديدة مع الأحياء والمدن والمشاريع الجديدة. ولا يجاري الطموح الشديد في هذه المشاريع سوى العزم وتحويل الخطط والقرارت الى التنفيذ كما رأينا في مشروع قناة السويس الجديدة التي تم انجازها وأصبحت عاملة في وقت قياسي أو العاصمة الادارية الجديدة التي بدأ العمل بها عام 2015 واصبحت جاهزة وجار نقل مختلف الادارات لها والمتوقع ان ينتقل لها مئة الف موظف والمدينة مهيئة لاستيعاب 6 ملايين شخص ضمن مواصفات ما يطلق عليها المدن الذكية. ومؤخرا تم طرح اسهم شركة العاصمة الادارية للإكتتاب العام بقيمة تتجاوز 6 مليارات دولار والمتوقع ان تصل أصول الشركة الى مئات المليارات. والخزينة الحكومية لا تملك بالطبع المليارات الضرورية للانفاق على كل هذه المشاريع رغم ان الجيش هو صاحب العمل الرئيس في معظم المشاريع وفق سياسة الرئيس السيسي لكن القطاع الخاص المحلي والصناديق الاستثمارية والمستثمرين من الخارج يملكون.
هذه مقدمة لإثارة موضوع العاصمة الادارية أو «عمان الجديدة» عندنا. مشروعنا اليتيم الذي تم اقراره رسميا في عهد حكومة الملقي قبل اكثر من ثلاثة أعوام وتم التخلي عنه رسميا من قبل حكومة الرزاز وتصمت عنه حكومة الرئيس بشر الخصاونة حتى الآن. ولا اعرف اذا كان قد فاتني شيء حكاه دولة الرئيس في هذا الموضوع ولدي فقط خبر زيارته مطلع هذا الشهر الى مصر حيث اجتمع مع رئيس الوزراء المصري في المدينة الادارية الجديدة بالذات وكان ضمن برنامجه جولة خاصة فيها وشرح عن خطط ومراحل تنفيذها واستراتيجية التمويل. والطفرة التنموية التي تحققها ما اطلق عليها «مدن الجيل الرابع» الذكية. والزيارة كما جاء في الخبر هي الأولى لرئيس وزراء عربي للمدينة الجديدة وقد أكّد الرئيس الخصاونة «حرص الحكومة الأردنية على الاستفادة من التجارب والمشروعات الكبرى في مصر، ودراسة تعزيز التنسيق والتعاون بين الجهات الحكومية الأردنية والمصرية في هذا المجال».
طيب ؟! هل نتوقع عودة لإحياء مشروع عمان الجديدة ؟! نحن لم نفهم ابدا لماذا تراجعت حكومة الرزاز عن المشروع وربما أنه فقط لم يعد بين الأولويات الملحة في وقت كانت الحكومة تبحث فيه عن انجازات عاجلة تمتص بها غضب الشارع، لكن ها قد خسرنا 4 سنوات كان يمكن ان ننهي ثلاثة ارباع مشروع هو أصغر كثيرا من المشروع المصري الذي انجز في 5 سنوات وأنجزت معه مشاريع مدن عديدة اخرى بينما وقفنا نحن وقبل سنوات عديدة عند المشروع اليتيم لمدينة الملك عبدلله بن عبد العزيز شرق الزرقاء.
يشبه الدافع المصري للخروج بالتجمعات السكانية من الشريط الضيق لوادي النيل حاجتنا لدفع التوسع السكاني شرقا في البر الواسع بعيدا عن شريط الضيق حيث يلتهم العمران بصورة مؤلمة كل الأراضي الخصبة. ناهيك عن السبب الملح لأقصى حدّ لسحب التمركز السكاني في العاصمة وتقليل أزمة السير التي ستكون كلف حلها جذريا أكثر من كلف انشاء مدينة جديدة دون ان يكون لها نفس القيمة والمردود الاستثماري.
لا حاجة لإعادة سرد الحجج لصالح المشروع في وقت تشكل المشاريع الكبرى ومنها مشروع العاصمة الادارية القاطرة التي تجر الآقتصاد الوطني لنهوض جديد. واعتقد ان دولة الرئيس لا بد قد عاد من زيارته لمصر وفي ذهنه شيء لمشاريع المدن الجديدة ابتداء بالعاصمة الادارية وقد نسمع منه شيئا قريبا.
الدستور