اعلان من شركة بيع محروقات بمنح خمس دنانير مجاناً، أحدث ازمة مروية كبيرة، وهو مؤشر على سلوك المستهلك الذي يريد التوفير في محروقات السيارات بأي طريقة وهو حق له، في ظل سياسات غير مقنعة ومفهومة في ملف الطاقة، رفع متوالٍ في وقت حرج، وتداول لحقائق عن ملف الطاقة افتى فيها رئيس لجنة الطاقة النيابية النائب المهندس فراس العجارمة قبل نحو أسبوعين، شكّلت صدمة جديدة عن حقائق الملف الوطني الأكثر أهمية والأكثر غموضا واجحافاً للبلد.
فحسب المؤشرات فإن ارتفاع سعر الطاقة سواء فاتورة الكهرباء او أسعار مشتقات النفط في الأردن غير مفهوم، رواية الحكومات المتعاقبة عن التسعيرة وأسباب الرفع غير مقنعة، والشرح الطويل عن مديونية شركة الكهرباء الوطنية أيضاً غير مفهوم، وسابقا كانت العلاقة مع مصفاة البترول قبل تحرير سوق استيراد النفط للأردن غير مقنعة الجمهور الذي لا يعرف تفاصيل الاتفاقيات المبرمة مع الشركات.
صحيح أنّ خدمات بيع المحروقات لم تعد حكراً على شركة مصفاة البترول، وأن المنافسة وفتح السوق حسّنت من خدمات البيع ونوعية المحروقات المعروضة على السوق وشكل المحطات ونوعية خدماتها، لكن هذا التحسن لم يلمسه المواطن على السعر، كما أن التنوع في مصادر توليد الكهرباء لم يؤثر على المواطن وعلى تسعيرة الكهرباء سواء للمنازل أو الصناعات.
الرأي العام الذي تشكّل عبر سنوات حول مسائل الطاقة وفاتورتها المكلفة لم يعد يجد جديداً، يحاول النواب أحياناً توقيع مذكرات، وبين فينة وأخرى تخرج الأصوات منتقدة، لكن لا سبيل لتغيير سياسات الطاقة التي هي ثابت لا يتغير.
للأسف إنّ ملف الطاقة على أهميته لم يشكل مسألة وطنية، ولم يحاسب المقصرون الذين أرهقوا البلد بقراراتهم المجحفة، بل هي طوق مربوط على المورد الوطني للطاقة الجديدة التي سارع الأردن لتوليدها والإفادة من مزاياه المناخية بنسبة سطوع عالية للشمس، هذا بالإضافة لطاقة الرياح والمورد البشري الهندسي والخبرات في هذا المجال.
ربما يغضب الناس على ملف غير واضح وغامض، وعلى سياسات غير واضحة، وعلى موقف حرج الأردن بات يعاني منه، فكيف لبلد يولد طاقة متجددة لا يستفيد منها كما يجب، وكيف لبلد يعاني اقتصاده من ارتفاع كلفة الطاقة الصناعية على المصانع وعلى مرافق السياحة، ولا يتخذ قرارات في ملف الطاقة لمعالجة أكبر الاختلالات البنيوية في الاقتصاد.
إن الرأي العام لم يتشكل بمنهجية تجاه هذا الملف، ويجب ان يكون اكثر تأثيراً ويساعد الحكومات على اجتراح حلول مباشرة وسريعة ومتوسطة المدى وبعيدة المدى ويكون البدء بتخفيض سعر الكيلو واط، والتشجع على الاستهلاك المحلي للطاقة المولدة من المصادر المتجددة ومنح الفنادق رخصة بناء محطة توليد متجددة مشتركة لها لتخفيض كلفة السياحة وتشجيع الناس على السياحة الداخلية.
الدستور