الزيارة «التاريخية» بأهمية توقيتها ودلالاتها ولقاءاتها المكثفة التي زادت على (20) لقاء رسميا بدءا من لقاء جلالة الملك عبدالله الثاني بالرئيس الامريكي جو بايدن، ثم بنائبة الرئيس كامالا هاريس وكذلك وزراء: الخارجية - الدفاع - الامن الداخلي - ووزيرة الخزانة، اضافة الى: مستشار الامن القومي، وقيادات مجلس الشيوخ من «ديمقراطيين وجمهوريين»، ولقاء جلالته برئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، وقيادات مجلس النواب الديمقراطيين والجمهوريين.. وحتى لقاء جلالته بممثلي مراكز البحوث الامريكية المؤثرة.. وغيرها من اللقاءات التي ازدحم بها برنامج جلالة الملك والتي لفت وزير الخارجية الامريكي أنتوني بلينكن بأن تلك «اللقاءات التي أجراها جلالة الملك مع أركان الإدارة الأمريكية و مع قيادات مجلسي الشيوخ والنواب ما هي إلا انعكاس للاهتمام الذي توليه الولايات المتحدة لعلاقتها مع الأردن، واصفا الزيارة بأنها «مثمرة وتتسم بكثافة أعمالها».
ورغم ان البرنامج المكثف لزيارة جلالة الملك حمل بمجمله ثلاث ملفات رئيسة:
* سياسيا: فلم تغب القضية الفلسطينية وحل الدولتين والتحذير من الاجراءات الاحادية الجانب، والقدس، والوصاية الهاشمية، عن اي من لقاءات جلالة الملك - التي حضرها جميعها سمو ولي العهد الامير الحسين بن عبدالله الثاني، واستمع القادة من «الحزبين الديمقراطي والجمهوري « لصوت « الحكمة والعقل والاتزان « كما يصفون دائما جلالة الملك عبدالله الثاني.
- في الملف السياسي أيضا تحدث جلالة الملك باسمه كملك للاردن وزعيم عربي تحدث باسم زعماء المنطقة خلال لقائه الرئيس بايدن قائلا جلالته: «بإمكانكم أن تعتمدوا علينا وعلى بلدنا، وعلى العديد من القادة في المنطقة».
- ملفات العراق وسوريا كانت حاضرة والتأكيد على أمن واستقرار الدولتين والمنطقة عموما.
* أمنيا وعسكريا: لقاءات مهمة عقدها جلالته وبحضور سمو ولي العهد مع قادة عسكريين (رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأمريكي - قائد القيادة المركزية الأمريكية - وقائد قيادة العمليات الخاصة الأمريكية).. وكانت ملفات مكافحة الارهاب وأمن المنطقة ومبادرة «اجتماعات العقبة» ومحاربة داعش في مقدمة المواضيع.
* اقتصاديا وأردنيا: لا بد من الاشارة هنا الى ان زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني للولايات المتحدة الامريكية قد بدأت بالملتقى الاقتصادي بمدينة «صن فالي» الأمريكية، وانتهت «الجمعة» بلقاء جلالته برئيس مجموعة البنك الدولي، والمدير العام لصندوق النقد الدولي، اضافة الى لقاءات متعددة ومعنية بالشأن الاقتصادي بدءا بلقاء القمة مع الرئيس بايدن، واللقاء المفصل مع نائبة الرئيس كامالا هاريس والتي تم التطرق خلال اللقاء تحديدا الى «المشاريع التنموية والأخرى المتعلقة بقطاع البيئة ومعالجة التغير المناخي وأثره على الموارد الطبيعية» اضافة الى عبء اللجوء السوري، وتوفير اللقاحات لمواجهة تداعيات جائحة كورونا.
- ملف المساعدات الامريكية للاردن كان حاضرا خلال لقاءات جلالة الملك عبدالله الثاني وبحضور سمو ولي العهد مع المسؤولين الامريكيين وتحديدا في الاجتماعات مع قادة مجلسي الشيوخ والنواب وتحديدا لجان: (المخصصات - العلاقات الخارجية - ولجان الخدمات العسكرية/ في مجلس الشيوخ) ولجان: (الشؤون الخارجية - واللجنة الفرعية لمخصصات وزارة الخارجية والعمليات الخارجية والبرامج ذات الصلة/ في مجلس النواب) وكانت ملفات اقتصادية حاضرة تتعلق بتحفيز النمو الاقتصادي وايجاد فرص عمل، خلال تلك الاجتماعات، اضافة الى ملفات: التعاون الاقتصادي بين الاردن ومصر والعراق - الاطلاع على البرامج التي ينفذها الاردن للتخفيف من تداعيات جائحة كورونا - تأثير اللجوء السوري على الاقتصاد الاردني وضرورة توفير دعم دولي، وبرز ذلك ايضا خلال لقاءات جلالته مع مديرة الوكالة الامريكية للتنمية، ورئيس مجلس ادارة «فايزر».
- حرص جلالة الملك على الدخول في تفاصيل الشأن الاقتصادي كما باقي الشؤون السياسية والامنية والعسكرية وغيرها ومن ذلك: تطرق جلالته الى «السياحة الدينية المسيحية» في الاردن خلال لقاء جلالته رئيس أساقفة واشنطن، وبحث انضمام الأردن إلى برنامج الدخول العالمي لتسريع إجراءات دخول المسافرين الأردنيين إلى المطارات في الولايات المتحدة، خلال لقاء جلالته وزير الأمن الداخلي الأمريكي، وحتى خلال لقاء جلالة الملك مبعوث الرئيس الأمريكي لشؤون المناخ الوزير المخضرم جون كيري، تم بحث سبل توسيع التعاون بين البلدين في التصدي لأثر ظاهرة التغير المناخي.
الملفات الاقتصادية كبيرة وكثيرة، وربما يكون من السابق الحديث عن «مخرجاتها»، لكن الأيام المقبلة ستظهر الكثير خصوصا ما يتعلق بمذكرة المساعدات الامريكية للاردن ( 2018- 2022) المتوقع البدء قريبا بمفاوضات تجديدها لخمس سنوات مقبلة على الاقل، اضافة لزيادة حجم المساعدات والمنح، اضافة لمزيد من التعاون في «اتفاقية التجارة الحرة» وزيادة حجم الصادرات الأردنية للسوق الامريكية، ودعم لمشاريع اقتصادية كبرى في مقدمتها «الناقل الوطني» كبديل عن «قناة البحرين» والأردن يحتاج لدعم سياسي ومالي لتنفيذ المشروع الذي تزيد كلفته على «2 مليار دولار» ،اضافة لما سينعكس ايجابا على الاقتصاد الاردني والتبادل التجاري مع سوريا في حال استثناء المملكة من «قانون قيصر»، وتأكيد كل من «البنك» و»النقد» الدوليين على دعم خطط وبرامج التعافي الاقتصادي.
ومزيد من التعاون في مواجهة جائحة كورونا، وتأمين الاردن بمزيد من اللقاحات، وكل ملفات الزيارة بحاجة لكثير من «المتابعة» كما قال ذلك وزير الخارجية أنتوني بلينكن مخاطبا جلالة الملك عبدالله الثاني: «لدينا أجندة عمل طويلة للمتابعة على ما ورد خلال لقائكم مع الرئيس بايدن».
- خلاصة القول: فإن (مرحلة جديدة ) في العلاقات الاردنية الامريكية المستمرة و»الدائمة» قد بدأت، وبعد ان (تغيّر كل شيء)، ونتوقع علاقات تشاركية استراتيجية اكثر تنسيقا في جميع الملفات: السياسية والاقتصادية وكذلك الامنية والعسكرية، من اجل: (تحويل عام 2021 الى عام ايجابي) - كما قال جلالة الملك عبدالله الثاني خلال لقائه رئيسة مجلس النواب السيناتور نانسي بيلوسي، وكل ذلك يتطلب جهدا مشتركا ومتابعة حقيقية من قبل الحكومة والقطاع الخاص لقطف ثمار هذه الزيارة الملكية التاريخية والأكثر تميزا.