2024-11-26 - الثلاثاء
00:00:00

آراء و مقالات

زيارة الملك..

{clean_title}
ابراهيم عبدالمجيد القيسي
صوت عمان :  


الأمل معقود على الزيارة الملكية لأمريكا، والتي تأتي في ظروف قد تكون مثالية، لإحداث فرق سياسي وتحريك ملفات اعتراها الغبار، بفعل أمريكي وبتأثير من جهات دولية أخرى، وثمة حزمة منها تتعلق بالأردن وبفلسطين وأخرى اقليمية متنامية الأهمية والحساسية والتأثير.

كثير من الملفات والعمل السياسي المحلي توقف، أو تم تجميده محليا، بفعل المراوحات الأمريكية، أو بقرارات أمريكية اتخذتها الإدارة الأمريكية السابقة، لكنها رجعت مع الإدارة الأمريكية الجديدة، التي يترأسها بايدن، وهو سياسي من طبقة النخبة الأمريكية الحاكمة، ولديه وجهة نظر وتاريخ وموقف من كثير من هذه الملفات.

الأردنيون؛ والفلسطينيون أيضا، وعدة جهات عربية، تترقب الزيارة الملكية، وتعقد عليها آمالا كبيرة، وليس مرد هذا أن جلالة الملك عبدالله الثاني صاحب قرار في أمريكا، بل لأنه الشخصية السياسية، التي دأبت على اختراق الصمت الدولي تجاه قضايا المنطقة، ويعرف طريقه تناولها لإحداث جلبة سياسية وإعلامية حول ملفات حساسة، وقد سبق وأن انشغلت وسائل الإعلام المحلية والعربية والعالمية والأمريكية نفسها، بهذه الفروق السياسية، التي يحدثها الملك عبدالله الثاني بجهود شخصية.. وهذه حقائق معروفة ولا بد سنلمس مثلها على خلفية الزيارة الملكية الحالية.

كل الملفات السياسية مرشحة للمتابعة، وسيطرق جلالة الملك بابها، وليس شرطا أن يناقشها مع بايدن شخصيا، فأحيانا يجري جلالة الملك مباحثات مع نخب أمريكية سياسية أو اقتصادية أو فكرية، وتشكل حالة اعلامية، سرعان ما نلمس بشأنها مبادرات محلية أمريكية رسمية أو من قبل مؤسسات أمريكية تتمع بطول باع في المزاج السياسي الدولي.

ملفات الصراعات الدولية في الأقليم، وملف الارهاب، والسلام، والقضية الفلسطينية التي شهدت حالات مد وجزر في السنوات الأربع الأخيرة، لا سيما في الأشهر الأخيرة، وملف التطرف اليهودي والتغييرات التي طرات عليه، إضافة الى ملفات اقتصادية محلية، وغيرها كثير.. كلها أهداف متوقعة سيحاول جلالة الملك بذل مجهودات لتحريكها.

أهمية هذه الزيارة وبالإضافة للأسباب التي ذكرناها، تأتي في أعقاب وأثناء وقبل الكثير من القرارات التي اتخذتها ادارة بايدن مع انطلاق فترة رئاسته (الأولى) للولايات المتحدة الأمريكية، وكثير منها يمكن التأسيس عليه لاستئناف عمل سياسي اردني امريكي توقف، او تراجع، وأعمال أو مبادرات سياسية يجيد طرحها جلالة الملك عبدالله الثاني، لا سيما بعد أن تعرض الأردن لمحاولات كبيرة جدا، لثنيه عن دوره واعتداله وتوازنه، بل والتأثير عليه لدرجة حصاره وتكبيل أذرعه عن أي فعل ذي أثر، كان الأردن يقوم به بحكم موقعه الاستراتيجي، او بحكم تاريخه ومواقفه الحكيمة، التي جعلته يتفرد دون سواه، بعدم انحيازه للتطرف السياسي، او انخراطه في صراعات الاقليم، ومساعيه الحثيثة لتقديم نموذج ديمقراطي، رغم كل الظروف المانعة، سواء أكانت سياسية أو أمنية أو اقتصادية أو تنافسية بين أطراف صراع سياسي اقليمي وعالمي.

التحالفات الجديدة المتوقع تدشينها بين أقطاب سياسية واقتصادية، او الانشقاقات في القديمة منها، والتي نجمت عن حيود السياسة الأمريكية عما عرفناه في السابق، من مواقف سياسية وأخلاقية واضحة ومتوازنة، هذه التحالفات.. تفتح أفقا واسعا للمناورة وللجهود السياسية الأردنية التي عرفناها وعرفها العالم الغربي كله عن جلالة الملك عبدالله الثاني، سيما وأننا عانينا في السنوات الأخيرة مما يمكن تسميته ردّة أمريكية كبيرة، ولعل موقف الأردن المتوقع من التحالفات الجديدة، بناء على ما تعرض له من أضرار وازمات، ومحاولات اقليمية حثيثة، للتأثير على دوره الطليعي وتقليصه، إلى الدرجة التي باتت تهدد استقراره السياسي والأمني والاقتصادي، وعلى استمراره وتوازنه، نقول لعله موقف مطلوب، وهذا ما يراقبه المراقبون والمتابعون من ذوي التأثير في المجتمع الدولي.

التوقعات كلها تشير الى نجاح هذه الزيارة الملكية لأمريكا.