التعديل على التقاعد المبكر وحصره باسباب صحية كان ضمن الموجة الاولى من الاصلاحات الاكتوارية لمؤسسة الضمان الاجتماعي وقانونها .
و بلا شك ان الضمان الاجتماعي مؤسسة استراتيجة اجتماعية واقتصادية سيادية ، وحامية للامان الاجتماعي وخطط الطواريء الاجتماعية . و
ليس هناك من عاقل لا يحرص على الضمان الاجتماعي وما يقدم من مسؤوليات خطيرة .
رفع سن التقاعد المبكر في الجولة الاولى كان منطقيا ومقبولا ، ويحد من استنزاف موارد المؤسسة ومدخرات اموال صندوق متقاعدي الضمان الاجتماعي .
و فكرة رفع سن التقاعد جاءت في الدول الاكثر تقدما وتطورا في الخدمات والرعاية الصحية . والدول التي فاق معدل الاعمار بها فوق الثمانين .
فما بات من الممكن الابقاء على اعمار التقاعد المكبر ، والعالم كان يشهد موجات من التقدم والتطور الطبي ، وفتوحات في العلوم الطبية ، والسريرية والمخبرية والدوائية والعلاجية .
قفزت العلوم الطبية على كل المستحيلات ، واصبح العلماء يتحدثون عن الشفاء المطلق ، وفلا مرض بات عصيا على الانسان والعلوم الطبية المعاصرة ، وفلسفيا اقترب مفكرون من اطروحة الانسان الابدي والخلود الانساني ، والانسان المعافي ، نهاية المرض والموت .
حاليا ان اي قرار لرفع سن التقاعد مخالف للشروط الموضوعية الصحية والوبائية . الاردن يعيش ازمة كورونا ، وصحة الانسان عرضة لمخاطر الوباء الطارئ ، ومؤشر الامان الصحي الذي كان قائما تعرض الى انتكاسة وضربة على الرأس ، ولو اخذنا مؤشر اعمار الوفيات خلال عامي الوباء 2020 و2021 لاكتشفنا ان المعدل المعياري للموت طال الشباب وما فوق سن الاربعين .
وبفعل كورونا ان معادلة تقدم الرعاية والخدمة الصحية ، وربطها السن التقاعدي قد اختلت . وكما ان كثيرين خسروا وظائفهم بفعل تداعي ازمة كورونا اقتصاديا واجتماعيا ومعيشيا ، وارهقتهم الازمة معيشيا ، ومن مخلفات كورونا اردنيا ولادة زحف طبقي من الطبقة الوسطى الى الفقيرة والى الاشد فقرا ، ووصولا الى الفقر المدقع .
الحكومة والضمان الاجتماعي لا يملكون قاعدة بيانات وارقاما دقيقة حول مؤشرات ومعدلات الفقر . واي قرار نحو تعديل سن التقاعد ورفعه ، وذلك يحمل النقمة بالاول على الشرائح الاجتماعية المتضررة من كورونا ، ولا يحقق عدالة اجتماعية ، ولا يتناسب مرحليا مع تداعيات وتوابع الوباء على الظرفية الصحية العامة ، والوباء يصطاد الاعمار الشابة والمتوسطة .
سن التقاعد المعمول به حاليا مثالي وعملي ، ومناسب لمصالح علاقات العمل ما بين العامل وصاحب العمل وما يقدم من اقتطاع مالي من حصتيهما في الضمان ، وهو مال للتوفير الوطني ، ورأسمال وطني الاجدى والانجع التفكير في صوابية وحكمة ونجاعة استثماره في مشاريع تنموية مجدية ، والمساهمة في التنمية والانتاج وتعزيز للعمالة الاردنية وترتقيتها وحمايتها اجتماعيا .
و هذا هذا الجو الوبائي الاليم اجتماعيا واقتصاديا . المهم بل الاهم هو حماية عيش مشتركي الضمان ، ومتقاعدي الضمان ، وتوفير الحماية الاجتماعية ، كورونا خلفت وراكمت سلف باهظة على مشتركي الضمان وذلك من خلال البرامج الرعاية الاجتماعية المقدمة من المؤسسة ، وتشمل شرائح وقطاعات متضررة من ازمة كورونا .
ادعوا الى التنبه والحذر من المس بالسن التقاعدي وحوافر التقاعد المبكر . مؤسسة الضمان حامي اجتماعي ، ولا يجوز بكل الاعتبارات المس حاليا بالسن التقاعدي ، من يفكر بالقرار خارج تداعيات وتوابع كورونا على الانسان والاقتصاد فهو عابث وقصير النظر .
قوة الضمان الحقيقة والراسخة في حماية امواله واستثماراته والادارة الحصيفة والحكيمة . اكثر من 6 مليارات دينار ، حماية اجتماعية ، ونماء وطني ، واستثمار في التنمية وفرص ، ومشاريع الانتاج الناجعة .