وجّه رئيس كتلة اتحاد الأحزاب الوسطية والوطني الإسلامي النيابية، متحدثًا باسم حزب الاتحاد الوطني الأردني، خطابًا ناقدًا خلال جلسة مناقشة مشروعي قانوني الموازنة العامة والوحدات الحكومية لعام 2026، طرح فيه سؤالًا محوريًا:
"هل هذه الموازنة تصنع مستقبل الأردن… أم تكتفي بإدارة حاضر يزداد تعقيدًا؟”
وقال النائب زهير الخشمان إن الموازنة الحالية "تدير الالتزامات أكثر مما تصنع التحوّل”، مشيرًا إلى أن العجز المقدر بـ 2.125 مليار دينار سيُموَّل بالاقتراض، ليرتفع الدين العام إلى نحو 50 مليار دينار مع نهاية عام 2026، مقارنة بـ 46.27 مليار دينار بحسب البنك المركزي. وأضاف أن "نسبة الدين إلى الناتج المحلي اقتربت من 90%، وهي نسبة خطيرة لدولة تسعى لبناء اقتصاد منتج”.
وأشار إلى أن فوائد الدين وحدها تبلغ في موازنة 2026 نحو 2.26 مليار دينار، أي ما يعادل 22% من كل دينار إيرادات محلية، مقارنة بمتوسط عالمي يبلغ 9% فقط، معتبرًا أن "الأخطر من حجم الدين هو كلفة الدين”.
"144 مليون دينار فقط للمشاريع الجديدة… رقم لا يصنع قفزة اقتصادية”
وانتقد النائب محدودية النفقات الرأسمالية المخصصة للمشاريع الجديدة، والتي لا تتجاوز 144 مليون دينار، معتبرًا أنها غير كافية لتحقيق النمو المستهدف وخلق فرص عمل، في ظل بطالة تقف عند 21.3%.
كما تساءل عن كيفية الوصول إلى النمو المستهدف في رؤية التحديث الاقتصادي البالغ 5.6%، في حين أن النمو الفعلي لا يتجاوز 2.8%، وتوقعات صندوق النقد لا تتعدى 3% حتى عام 2030.
"75% من الإيرادات ضريبية… وما زلنا نبني ميزانياتنا على جيب المواطن”
واعتبر أن الإيرادات العامة ما تزال "ضريبية بامتياز”، حيث تشكل الضرائب 75% من الإيرادات المحلية، مقابل متوسط عالمي يبلغ 57%. وقال إن "الدولة ما تزال تعتمد على جيب المواطن بدل التحول للإنتاج والاستثمار والتصدير”.
مثالان من الميدان: الحلابات والصفاوي
وتوقف النائب عند نماذج من الواقع المعيشي للمواطنين، منها:
الحلابات: أطفال يقطعون 3 كيلومترات سيرًا للوصول إلى مدرسة بديلة لأن مدرستهم مقامة على أرض مرهونة للضمان الاجتماعي، ما يمنع التربية من البناء أو الترميم.
الصفاوي: منطقة يقيم فيها نحو 7 آلاف مواطن، أقرب مستشفى إليها يبعد 90 كيلومترًا، والمركز الصحي غير مؤهل.
وقال: "هذه ليست أرقامًا… هذه أرواح. والأمانة برقبة كل مسؤول”.
"100 مليون للمحافظات كلها… رقم لا يصنع تنمية محلية”
وانتقد محدودية مخصصات المحافظات الرأسمالية التي تبلغ نحو 100 مليون دينار فقط، مؤكدًا أنها غير كافية لبناء مشروع واحد كبير، فضلًا عن تمكين اقتصاد محلي أو خلق فرص عمل.
ودعا إلى إعداد دراسة وطنية جديّة لتحديد الميزة التنافسية لكل محافظة، بدل "العمل على الحدس والانطباعات”.
النقل: "وزارة بلا صلاحيات”
وتساءل النائب حول مستقبل قطاع النقل في ظل "تشظّي التشريعات وازدواجية الصلاحيات بين وزارة النقل والهيئات المستقلة والأمانة والبلديات وسلطة العقبة”، معتبرًا أن الوزارة "مفرغة من صلاحياتها”.
"المطلوب تغيير نهج الإدارة… لا تغيير الأرقام”
واستشهد النائب بنصوص من كتاب رئيس الوزراء "الاقتصاد السياسي الأردني… بناء في رحم الأزمات"، مؤكدًا أن المشكلة ليست في القرارات التي تتخذها الحكومات، بل في التراجع عنها أمام البيروقراطية وتضارب الصلاحيات.
وقال: "المشكلة ليست في أن الحكومة اتخذت قرارًا… المشكلة أنها كثيرًا ما تراجعت عنه.”
وأضاف: "لا يُصنع الإصلاح بالتردد… ولا بالتخوف من ردّة الفعل الشعبية.”
"مستقبل الأردن يبدأ بالتحوّل إلى اقتصاد حرّ”
وختم النائب خطابه بالتأكيد على ضرورة التحول إلى اقتصاد حرّ، وتخفيض الضرائب، وتحفيز الاستثمار، وبناء شراكة حقيقية—not شكلية—مع القطاع الخاص، مؤكدًا أن "الأردن قادر على أن يكون الأول اقتصاديًا في المنطقة”.
وقال: "المطلوب أن نؤمن بما نكتب… وأن نطبّق ما نقول.”